"قتل أبي يوم أحد وجدع أنفه، وقطعت أذناه" وفي ملحق الرواية الثانية "جيء بأبي يوم أحد مجدعا" قال الخليل: الجدع قطع الأنف والأذن.
(فأردت أن أرفع الثوب، فنهاني قومي) أي أردت أن أرفع الثوب عن وجهه لأرى ما فعل به وفي الرواية الثانية "فجعلت أكشف الثوب عن وجهه وأبكي وجعلوا ينهونني ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينهاني" أي جعلت أحاول كشف الثوب وهم يمنعونني.
(فرفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أمر به فرفع) الظاهر أن "أو" للإضراب، وأن الواقع أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر به فرفع، وإسناد الرفع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله "فرفعه" مجاز عقلي.
(فقالوا: بنت عمرو، أو أخت عمرو) الشك من القائلين، وكان لعمرو بن الجموح بنت وأخت واستشهد يوم أحد، حين انكشف المسلمون، شهد العقبة، ثم بدرا ودفن مع عبد الله بن عمرو بن حرام في قبر واحد، وعمرو بن الجموح بن زيد بن حرام، فعبد الله بمنزلة عمه، وكان زوجا لأخت عبد الله، فبنت عمرو تبكي أباها وخالها، وأخت عمرو تبكي أخاها وعمها وفي الرواية الثانية "وجعلت فاطمة بنت عمرو تبكيه" بدون شك والمراد: تبكي عمرا أو تبكي خالها عبد الله وهو الأولى لتناسق الضمائر وعودها على مصدر واحد.
(فقال: ولم تبكي؟ ) الاستفهام إنكاري توبيخي أي لا ينبغي أن تبكي لحسن خاتمته التي يسر لها أحبابه، وفي الرواية الثانية "تبكيه أو لا تبكيه" أي يستوي بكاؤها وعدمه فقد أكرمه الله بالشهادة التي تخفف حزن الحزين قال النووي: معناه سواء بكت عليه أم لا فما زالت الملائكة تظله أي فقد حصل له من الكرامة هذا وغيره، فلا ينبغي البكاء على مثل هذا.
(فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع) قال القاضي: يحتمل أن ذلك لتزاحمهم عليه لبشارته بفضل الله ورضاه عنه وما أعد له من الكرامة، أو ازدحموا عليه إكراما وتكريما له، وفرحا به، أو أظلوه من حر الشمس لئلا يتغير ريحه أو جسمه اهـ. وهذا الأخير مستبعد لما سبق في المعنى العام أنه لم يتغير بعد أشهر في قبره.
-[فقه الحديث]-
فيه فضيلة عبد الله بن عمرو وتكريم الله له عند موته وبشارة النبي صلى الله عليه وسلم لأهله ومواساته لهم وجواز البكاء على الميت والكشف عن وجهه.