(وكانوا يحلون الشهر الحرام) جملة معترضة ولعلها لبيان الدافع على خروجهم من قومهم، إذ كان أبو ذر وأخوه من المحافظين على الأمور الدينية.
(فخرجت أنا وأخي أنيس وأمنا فنزلنا على خال لنا) تفصيل للمجمل في قوله سابقا "خرجنا" و"أنيس" بضم الهمزة مصغرا، كان أكبر من أبي ذر، وأمهما رملة بنت الوقيعة غفارية أيضا والظاهر أن هذا الخروج كان هجرة ولم يكن زيارة ويحتمل أن خالهما قد تزوج من قوم آخرين فأقام عندهم، واعتبروا قومه، لأننا قلنا: إن أمه غفارية، فخاله كذلك.
(فأكرمنا خالنا وأحسن إلينا، فحسدنا قومه) أي وحقدوا علينا حياتنا معه حياة هنيئة ونحن من قوم لا يحبونهم، فأوقعوا فتنة بيننا وبينه.
(فقالوا) أي قال الواشون منهم لخالي وفي رواية "فأتاه رجل فقال له".
(إنك إذا خرجت عن أهلك خالف إليهم أنيس) كانوا قد أقاموا لهم منزلا بجوار منزل خالهم وكانت لهم شياههم وإبلهم التي خرجوا بها فكانت الوشاية أن أنيسا يستغل خروج خاله من منزله، ليدخل على زوجة خاله.
(فجاءنا خالنا، فنثا علينا الذي قيل له) "نثا" نون ثم ثاء مخففة، أي أفشى وأذاع، يقال: نثا الحديث، ينثوه، نثوا، بثه.
(فقلت: أما ما مضى من معروفك فقد كدرته) أي فقلت لخالي: كان معروفك دينا في رقابنا صافيا جليلا لكن بهذا الاتهام كدرته وعكرته.
(ولا جماع لك فيما بعد) أي ولا نجتمع معك في مكان بعد ذلك، وفي رواية "فبلغ أخي، فقال: والله لا أساكنك، فارتحلنا"
(فقربنا صرمتنا، فاحتملنا عليها) الصرمة بكسر الصاد القطعة من الإبل وتطلق أيضا على القطعة من الغنم، والمعنى فجمعنا إبلنا من مرعاها فارتحلنا عليها يقال: احتمل القوم إذا ارتحلوا.
(وتغطى خالنا ثوبه، فجعل يبكي) على هذه النتيجة المحزنة، يقال: تغطى بثوبه ففي الكلام حذف وإيصال.
(فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة) أي حتى وصلنا حمى مكة وأرضها وواديها وحيازتها فضربنا منزلنا بعيدا عن مبانيها.
(فنافر أنيس عن صرمتنا وعن مثلها، فأتيا الكاهن، فخير أنيسا، فأتانا أنيس بصرمتنا، ومثلها معها) أصل المنافرة: المفاخرة والمحاكمة فيفخر كل واحد