جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك البجلي، نسبة إلى بجيلة أم قبيلته وكان سيد قومه، أسلم في عام الوفود وقيل: أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين يوما كان طويلا طولا مفرطا وكان جميل الخلقة، حتى قال عنه عمر: جرير يوسف هذه الأمة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهش لقدومه، ويبتسم في وجهه، ويكرمه، وكان يقول فيه:"إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه". روى الإمام أحمد وابن حبان عن جرير قال:"لما دنوت من المدينة أنخت ثم لبست حلتي فدخلت فرماني الناس بالحدق، فقلت: هل ذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: نعم. ذكرك بأحسن ذكر فقال: يدخل عليكم رجل من خير ذي يمن، على وجهه مسحة ملك" وقدمه عمر في حروب العراق على جميع بجيله .. وكان له أثر عظيم في فتح القادسية، ثم سكن جرير الكوفة وأرسله علي - رضي الله عنهما - إلى معاوية رسولا فحبسه معاوية مدة طويلة ثم رده بورقة مختومة غير مكتوب فيها شيء وبعث معه من يخبر عليا بمنابذة معاوية، ثم اعتزل الفريقين، وسكن قرقيسيا، حتى مات سنة إحدى وخمسين وقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذي الخلصة، فهدمها بجيشه، كما جاء في الحديث.
كان حكيما في إشارته، مهذبا في قوله، روي أن عمر رضي الله عنه وجد في مجلسه رائحة من بعض جلسائه، فقال: عزمت على صاحب هذه الرائحة إلا قام فتوضأ، فقال جرير بن عبد الله: علينا كلنا يا أمير المؤمنين فاعزم. قال: عليكم كلكم عزمت ثم قال: يا جرير: ما زلت سيدا في الجاهلية والإسلام.
رضي الله عنه وأرضاه.
-[المباحث العربية]-
(ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت) أي ما منعني من الدخول عليه في بيته في وقت من الأوقات إذا استأذنت عليه وقيل: إن معنى "ما حجبني" أي ما منعني طلبي وفيه بعد.
وقوله "منذ أسلمت" أي إلى أن توفي صلى الله عليه وسلم، وكان إسلام جرير سنة تسع من الهجرة على الصحيح.
(ولا رآني إلا ضحك) في الرواية الثانية "ولا رآني إلا تبسم في وجهي" وكان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك مع جرير تكريما له ولطفا به، وبشاشة له.
(ولقد شكوت له أني لا أثبت على الخيل فضرب بيده في صدري وقال: اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا) في الرواية الرابعة "وكنت لا أثبت على الخيل فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب يده في صدري فقال: اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا" وعند البخاري "وكنت لا أثبت على الخيل، فضرب على صدري حتى رأيت أثر أصابعه في صدري" وعند الحاكم "فشكا جرير