إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القلع" بفتح القاف واللام، وهو عدم الثبوت على السرج، وقيل: بكسر أوله، قال الجوهري: رجل قلع القدم بكسر أوله، إذا كانت قدمه لا تثبت عند الحرب، وفلان قلعة بكسر القاف وفتح اللام، إذا كان يتقلع عن سرجه والمعنى أنه لخفته يرتفع عن السرج كلما ارتفع الحصان ويهبط بهبوطه "فقال: ادن مني فدنا منه فوضع يده على رأسه، ثم أرسلها على وجهه وصدره حتى بلغ عانته ثم وضع يده على رأسه" مرة ثانية "وأرسلها إلى ظهره، حتى انتهت إلى إليته". ولا تعارض فإن اليد ضربت الصدر عند مرورها به كما جاء في حديث الحاكم أنه قال في حالة إمراره يده عليه في المرتين: "اللهم اجعله هاديا مهديا، وبارك فيه، وفي ذريته" زاد في رواية البخاري "فما وقعت عن فرس بعد" قال الحافظ ابن حجر: قوله: "واجعله هاديا مهديا" فيه تقديم وتأخير لأنه لا يكون هاديا حتى يكون مهديا، وقيل: معناه كاملا مكملا. اهـ. يعني أن المطلوب الأول للمسلم أن يكمل نفسه ثم بعد ذلك يكمل غيره، ويمكن حمل "هاديا" على معنى داعيا نفسه وغيره للهدى، و"مهديا" أي مستجيبا للدعوة بالفعل.
(كان في الجاهلية بيت يقال له: ذو الخلصة) والخلصة في الأصل نبات له حب أحمر كخرز العقيق قال النووي: بفتح الخاء واللام هذا هو المشهور وحكى القاضي أيضا بضم الخاء مع فتح اللام وحكى أيضا فتح الخاء وسكون اللام، وهو بيت في اليمن كان فيه أصنام يعبدونها. اهـ. ومن المعلوم أن الكعبة كانت مظهرا من مظاهر عزة العرب بصفة عامة ورفعة قريش بصفة خاصة وكانت القبائل تحاول أن تتخذ لنفسها بيوتا، تصنع فيها أصناما يعبدونها، لمنافسة قريش في كعبتها، فكان ذو الخلصة أكبر بيت ينافس الكعبة وكان بيتا لقبيلة خثعم كما جاء في الرواية الرابعة ولقبيلة بجيلة كما جاء في رواية البخاري.
(وكان يقال له: الكعبة اليمانية والكعبة الشامية) قال النووي: وفي بعض النسخ "الكعبة اليمانية الكعبة الشامية" بغير واو، وهذا اللفظ فيه إيهام والمراد أن ذا الخلصة كانوا يسمونها الكعبة اليمانية، وكانت الكعبة الكريمة التي بمكة تسمى الكعبة الشامية ففرقوا بينهما للتمييز. هذا هو المراد فيتأول اللفظ عليه وتقديره: يقال له: الكعبة اليمانية ويقال للتي بمكة: الشامية.
أما من رواه "الكعبة اليمانية الكعبة الشامية" بحذف الواو فمعناه كأن يقال: هذان اللفظان، أحدهما لموضع والآخر لموضع آخر.
قال: وأما قوله "هل أنت مريحي من ذي الخلصة، والكعبة اليمانية والشامية" فقال القاضي عياض: ذكر "الشامية" وهم وغلط من بعض الرواة والصواب حذفه وقد ذكره البخاري بهذا الإسناد وليس فيه هذه الزيادة والوهم هذا كلام القاضي وليس بجيد بل يمكن تأويل هذا اللفظ ويكون التقدير: هل أنت مريحي من قولهم: الكعبة اليمانية والشامية؟ ووجود هذا الموضع الذي يلزم منه هذه التسمية؟ اهـ. وقال الحافظ ابن حجر: الذي يظهر لي أن الذي في الرواية صواب وأنها كان يقال لها: اليمانية باعتبار كونها باليمن، والشامية باعتبار أنهم جعلوا بابها مقابل الشام وقال بعضهم: