للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: "والكعبة الشامية" مبتدأ، محذوف الخبر تقديره: هي التي بمكة وقيل: الكعبة مبتدأ، والشامية خبره والجملة حال والمعنى: والكعبة هي الشامية لا غير وحكى السهيلي عن بعض النحويين أن كلمة "له" زائدة وأن الصواب كان يقال: "الكعبة الشامية" أي لهذا البيت الجديد، و"الكعبة اليمانية" أي للبيت العتيق - أو بالعكس قال السهيلي: وليست فيه زيادة وإنما اللام بمعنى من أجل، أي كان يقال من أجله: الكعبة الشامية والكعبة اليمانية أي إحدى الصفتين للعتيق والأخرى للجديد.

(هل أنت مريحي من ذي الخلصة؟ ) وفي الرواية الرابعة "يا جرير ألا تريحني من ذي الخلصة" بتخفيف اللام طلب يتضمن الأمر برفق وخص جريرا بذلك لأنها كانت في بلاد قومه وكان هو من أشرافهم والمراد من الراحة راحة القلب، وما كان شيء أتعب لقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بقاء ما يشرك به من دون الله تعالى وروى الحاكم في الإكليل، من حديث البراء بن عازب قال: "قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مائة رجل من بني بجيلة وبني قشير وفيهم جرير بن عبد الله فسأله عن بني خثعم فأخبره أنهم أبوا أن يجيبوا إلى الإسلام فاستعمله على عامة من كان معه، وندب معه ثلاثمائة من الأنصار، وأن يسير إلى خثعم فيدعوهم ثلاثة أيام، فإن أجابوا إلى الإسلام قبل منهم، وهدم صنمهم ذا الخلصة وإلا وضع فيهم السيف.

(فنفرت إليه في مائة وخمسين من أحمس) الضمير في "إليه" يعود على ذي الخلصة البيت الذي فيه الأصنام والنفر الخروج للقتال مع السرعة وفي رواية البخاري "فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس - بفتح الهمزة وسكون الحاء وفتح الميم - وكانوا أصحاب خيل" وفي رواية ضعيفة للطبراني أنهم كانوا سبعمائة وفي كتاب الصحابة لابن السكن أن قيس بن غربة الأحمسي وفد في خمسمائة وقدم جرير في قومه وقدم الحجاج بن ذي الأعين في مائتين وضم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ثلاثمائة من الأنصار وغيرهم فكأن المائة والخمسين هم قوم جرير من قبيلة واحدة.

(فكسرناه، وقتلنا من وجدناه عنده) الضمير المذكر للبيت، والضمير المؤنث في قوله في الرواية الرابعة "فانطلق فحرقها بالنار" للكعبة، وعند البخاري "فانطلق إليها فكسرها وحرقها" أي بناءها، ورمى النار فيما فيها من الخشب.

(فأتيته فأخبرته) ظاهر هذه الرواية أن الذي بشر النبي صلى الله عليه وسلم بنتيجة الغزوة هو جرير ولكن الرواية الرابعة أن الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك رسول أرسله جرير من قبيلته، فكأن نسبة الإخبار لجرير مجازية، وفي الرواية الرابعة. قال رسول جرير للنبي صلى الله عليه وسلم: "ما جئتك حتى تركناها كأنها جمل أجرب" كناية عن نزع زينتها وإذهاب بهجتها وقال الخطابي: المراد أنها صارت مثل الجمل المطلي بالقطران من جربه إشارة إلى أنها صارت سوداء لما وقع فيها من التحريق وفي رواية "أجوف" بدل "أجرب" أي صارت صورة بغير معنى والأجوف الخالي الجوف مع كبره في الظاهر وأنكره عياض، وقال: هو تصحيف وإفساد للمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>