يتخلف عن السرايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم كان بعد موته مولعا بالحج قبل الفتنة وفي الفتنة التي اعتزلها روي أن مروان بن الحكم دخل عليه في نفر بعد ما قتل عثمان رضي الله عنه فعرضوا عليه أن يبايعوا له قال: وكيف لي بالناس؟ قال: تقاتلهم ونقاتلهم معك - فقال: والله لو اجتمع علي أهل الأرض إلا أهل فدك ما قاتلتهم فخرجوا من عنده ومروان يقول:
والملك بعد ابن ليلى لمن غلبا
ويقال إنه ندم بعد ذلك أن لم يقاتل مع علي إذ روي أنه قال حين حضرته الوفاة: ما أجد في نفسي من أمر الدنيا شيئا إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه وروي أنه كان يقول: كففت يدي فلم أقدم والمقاتل على الحق أفضل.
كان رحمه الله تعالى من أهل الورع والعلم والتقوى، وروي عن مالك أنه قال: بلغ عبد الله بن عمر ستا وثمانين سنة وأفتى في الإسلام ستين سنة ونشر نافع عنه علما جما ويقولون: إنه كان من أعلم الصحابة بمناسك الحج وكان شديد التوقي في فتواه وفي كل ما يأخذ به نفسه شديد التحري والتأسي والاقتداء بأفعال النبي صلى الله عليه وسلم حتى إنه كان يتحرى المكان الذي بركت فيه ناقة الرسول صلى الله عليه وسلم ليبرك ناقته فيه وكان يحفظ ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسأل من حضر إذا غاب عن قوله وفعله لذا كان من المكثرين عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان في الحج يتتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم ويتقدم إلى المواقف التي وقف بها صلى الله عليه وسلم ليقف بها فكان ذلك يعز على الحجاج وخطب الحجاج يوما فأخر الصلاة فقال له ابن عمر: إن الشمس لا تنتظرك فقال له الحجاج: لقد هممت أن أضرب الذي فيه عيناك فقال ابن عمر في نفسه: قد يفعل إنه سفيه مسلط.
فأمر الحجاج رجلا فسم حديدة رمحه وزحمه في الطريق وغرس الحديدة في ظهر قدمه وهو على راحلته فمرض منها أياما فدخل عليه الحجاج يعوده فقال له: من فعل بك هذا يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: وما تصنع به؟ قال: قتلني الله إن لم أقتله قال: ما أراك فاعلا أنت الذي أمرت الذي نخسني بالحربة المسمومة قال: لا تقل هذا يا أبا عبد الرحمن ومات بمكة سنة ثلاث وسبعين بعد قتل ابن الزبير بثلاثة أشهر أو نحوها ودفن بذي طوى في مقبرة المهاجرين. رضي الله عنه. وأرضاه.
-[المباحث العربية]-
(رأيت في المنام كأن في يدي قطعة إستبرق) الإستبرق ما غلظ من الحرير أو من الديباج وفي رواية للبخاري "كأن في يدي سرقة من حرير" بفتح السين وكسر الراء أي قطعة وفي رواية "قطعة من إستبرق" وفي رواية "سرقة من إستبرق" وعبر بلفظ "كأن" بالتشبيه لأن ما يحصل في المنام شبيه بالواقع وليس واقعا بالفعل.