والخامسة، والظاهر أنه - رضي الله عنه - اعتذر عما نسب إليه في شأن عائشة في أبيات سنذكرها، فقبلت اعتذاره، وعطفت عليه بعد أن أصيب بالعمى.
(فقالت: يا بن أختي، دعه) أي دع سبه وشتمه.
(فإنه كان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي كان يدافع بشعره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الرواية الخامسة "إنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" وفي ملحقها "كان يذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".
(يشبب بأبيات له، فقال:
حصان رزان ما تزن بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل)
"يشبب" يعني يتغزل، يذكر محاسن النساء، وهو هنا يذكر محاسن عائشة رضي الله عنها، ويصفها بأنها "حصان" بفتح الحاء والصاد المخففة، أي محصنة عفيفة، "رزان" بفتح الراء والزاي، أي كاملة العقل، يقال: رجل رزين، و"ما تزن بريبة" أي ما تتهم بريبة، يقال: زننته وأزننته إذا ظننت به خيرا أو شرا، و"غرثى" بفتح الغين وسكون الراء وفتح الثاء، أي جائعة، ورجل غرثان، وامرأة غرثى، معناه لا تغتاب الناس، لأنها لو اغتابتهم شبعت من لحومهم.
والمعنى أن عائشة رضي الله عنها محصنة عاقلة، لا تتهم بريبة، ولا تأكل لحوم الناس بالغيبة.
في الرواية الخامسة أنها قالت له، بعد سماعها هذا البيت: "لكنك لست كذلك".
وبعد هذا البيت قال:
حليلة خير الناس دينا ومنصبا ... نبي الهدى ذي المكرمات الفواضل
عقيلة حي من لؤي بن غالب ... كرام المساعي، مجدهم غير زائل
مهذبة قد طيب الله خيمها ... وطهرها من كل سوء وباطل
فإن كنت قد قلت الذي قد زعمتمو ... فلا رفعت سوطي إلى أناملي
وكيف وودي ما حييت ونصرتي ... لآل رسول الله زين المحافل
له رتب عال على الناس كلهم ... تقاصر عنه سورة المتطاول
فإن الذي قد قيل ليس بلائط ... ولكنه قول امرئ بي ماحل
"قد طيب الله خيمها" أي قد طيب ريحها، "سورة المتطاول" بفتح السين وسكون الواو، أي وثبة مدعي الطول، و"ليس بلائط" أي ليس بلاصق بي على الحقيقة، "بي ماحل" أي بي واش وساع بي إلى ذي السلطان.