(قال حسان: يا رسول الله، ائذن لي في أبي سفيان) المراد بأبي سفيان هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وكان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين في ذلك الوقت، ثم أسلم وحسن إسلامه.
أي ائذن لي أن أهجوه وأذمه، وفي ملحق الرواية "استأذن حسان بن ثابت النبي صلى الله عليه وسلم في هجاء المشركين" ولم يذكر أبا سفيان.
(قال: كيف بقرابتي منه؟ ) أي كيف لا يصيبني الذم، وهو ابن عمي؟ إذا ذممته؟
(قال: والذي أكرمك لأسلنك منهم، كما تسل الشعرة من الخمير) المراد من الخمير العجين، وصرح به في الرواية السابعة، لأنه يتخمر غالبا، ومعناه لأتلطفن في تخليص نسبك من هجوه، بحيث لا يبقى جزء من نسبك في نسبهم الذي ناله الهجو، كما أن الشعرة، إذا سلت من العجين، لا يبقى منها شيء فيه، بخلاف ما لو سلت من شيء صلب، فإنها ربما انقطعت، فبقيت منها فيه بقية.
(فقال حسان:
وإن سنام المجد من آل هاشم ... بنو بنت مخزوم ووالدك العبد)
ولم يذكر مسلم البيت الثاني، وبه تتم الفائدة، وهو المراد المقصود، وهو:
ومن ولدت أبناء زهرة منهمو ... كرام، ولم يقرب عجائزك المجد
والمراد ببنت مخزوم فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، أم عبد الله والزبير وأبي طالب، وقوله "ومن ولدت أبناء زهرة منهمو" مراده هالة بنت وهب بن عبد مناف، أم حمزة وصفية، وأما قوله "ووالدك العبد" فهو سب لأبي سفيان بن الحارث، ومعناه أن أم الحارث بن عبد المطلب والد أبي سفيان هذا، هي سمية بنت موهب، وموهب غلام لبني عبد مناف، وكذا أم أبي سفيان بن الحارث، كانت كذلك، وهو مراده بقوله:"ولم يقرب عجائزك المجد".
(قصيدته هذه) بالنصب، مفعول به لفعل محذوف، أي اقرأ، أو راجع قصيدته هذه.
(اهجوا قريشا، فإنه أشد عليها من رشق بالنبل) الخطاب للمسلمين، أو للشعراء المسلمين، وهو رفع للحظر، وإذن بالهجاء، بعد أن اشتد هجاء المشركين للإسلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين، فأراد محاربتهم بنفس سلاحهم، وكان الشعر مدحا أو هجاء يرفع القبيلة أو يخفضها، فكان أثره في العرب بعامة أشد من الرمي بالسهام، و"الرشق" بفتح الراء هي الرمي، وأما الرشق بكسرها فهو اسم للنبل التي ترمى دفعة واحدة، وفي بعض النسخ "رشق النبل".
(فأرسل إلى ابن رواحة، فقال: اهجهم، فهجاهم، فلم يرض) أي فلم يشف ما في صدر النبي صلى الله عليه وسلم وما في صدر أصحابه من الغيظ.