كان يبتدئ حديثه بقوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق أبو القاسم: "من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار".
استعمل عمر أبا هريرة على البحرين، فقدم بعشرة آلاف، فقال له عمر: استأثرت بهذه الأموال، فمن أين لك؟ قال: خيل نتجت، وأعطية تتابعت، وخراج رفيق لي، فنظر، فوجدها كما قال، ثم دعاه ليستعمله، فأبى، فقال: لقد طلب العمل من كان خيرا منك، قال: إنه يوسف عليه السلام، نبي الله، وابن نبي الله، وأنا أبو هريرة ابن أميمة، وأخشى ثلاثا: أن أقول بغير علم، أو أقضي بغير حكم، ويضرب ظهري، ويشتم عرضي، وينزع مالي.
توفي بقصره بالعقيق، سنة ثمان وخمسين فحمل إلى المدينة، بعد أن عاش ثمانيا وسبعين سنة، وصلى عليه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وكان أميرا يومئذ على المدينة، وكتب الوليد إلى معاوية يخبره بموته، فكتب إليه: انظر من ترك؟ فادفع إلى ورثته عشرة آلاف درهم، وأحسن جوارهم، فإنه كان ممن نصر عثمان يوم الدار رضي الله عنه وأرضاه.
-[المباحث العربية]-
(فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة) كان الأصل أن يقول: أمي، ولكنه آثر التجريد، ليطابق المدعو به، فإنه لن يقول: اللهم اهد أمك.
(فلما جئت فصرت إلى الباب) أي فوصلت إلى باب بيتي.
(فإذا هو مجاف) أي مغلق، يقال: أجاف الباب إذا رده، وفي حديث الحج أنه صلى الله عليه وسلم دخل البيت، وأجاف الباب.
(فسمعت أمي خشف قدمي) بفتح الخاء وسكون الشين، أي صوت قدمي في الأرض.
(فقالت: مكانك) ظرف لفعل محذوف، أي قف مكانك.
(وسمعت خضخضة الماء) أي صوت تحريكه وصبه.
(ولبست درعها، وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب) درع المرأة قميصها، وخمارها الثوب الذي تغطي به رأسها، وعجل عن كذا إلى كذا، أي أسرع إلى كذا متجاوزا كذا، والمعنى أنها لبست القميص، وأسرعت إلى الباب تفتحه، تاركة خمارها.
(فما خلق مؤمن يسمع بي، ولا يراني إلا أحبني) هذا في اعتقاد أبي هريرة وعلمه، وما يحسه من الناس، وليس بلازم، فحب جميع المؤمنين غاية لا تدرك.
(إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) الزعم مطية الكذب،