وتستعمل المادة - غالبا - فيما ليس له أصل. و"يكثر الحديث" أي يكثر ذكر الأحاديث والتحديث والرواية والخطاب في "إنكم" لبعض الصحابة، أي إن بعض الصحابة يقولون ... ، وفي الرواية الرابعة "يقولون: إن أبا هريرة قد أكثر" وفي ملحقها "إنكم تقولون: إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" وفي رواية للبخاري "إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة".
(والله الموعد) بفتح الميم، وفيه حذف، تقديره: وعند الله الموعد، لأن الموعد إما مصدر، وإما ظرف زمان، أو ظرف مكان، وكل ذلك لا يخبر به عن الله تعالى، ومراده أن الله تعالى يحاسبني إن تعمدت كذبا، ويحاسب من ظن بي ظن السوء.
(كنت رجلا مسكينا، أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني) أي ألازمه من أجل قوتي اليومي، ولا أجمع مالا أدخره، وليس المراد الخدمة بالأجرة، و"ملء" بكسر الميم، أي إن السبب الأولى الذي اقتضى له كثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمران، ملازمته له، ليجد ما يأكله، لأنه لم يكن له شيء يتجر فيه، ولا أرض يزرعها، ولا يعمل فيها، فكان لا ينقطع عنه، خشية أن يفوته القوت، فحصل له بهذه الملازمة كثرة سماعه الأقوال، ورؤيته الأفعال، مما لا يحصل لغيره، ممن لم يلازمه ملازمته، الأمر الثاني ما سيذكره من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له، وفي رواية للبخاري "وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشبع بطنه، ويحضر ما لا يحضرون، ويحفظ ما لا يحفظون".
(وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم)"يشغلهم" بفتح الياء، وحكي ضمها، والصفق في الأسواق كناية عن التبايع، وكانوا يصفقون بالأيدي من المتبايعين، بعضها على بعض، والسوق مؤنثة، وقد تذكر، سميت بذلك لقيام الناس فيها على سوقهم، وفي الرواية الرابعة "ويقولون: ما بال المهاجرين والأنصار لا يتحدثون مثل أحاديثه؟ وسأخبركم عن ذلك. إن إخواني من الأنصار كان يشغلهم عمل أرضهم، وإن إخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق".
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يبسط ثوبه فلن ينسى شيئا سمعه مني، فبسطت ثوبي، حتى قضى حديثه، ثم ضممته إلي، فما نسيت شيئا مما سمعته منه) هذا هو السبب الثاني، وفي الرواية الرابعة "ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما: أيكم يبسط ثوبه، فيأخذ من حديثي هذا، ثم يجمعه إلى صدره، فإنه لم ينس شيئا سمعه، فبسطت بردة علي، حتى فرغ من حديثه، ثم جمعتها إلى صدري، فما نسيت بعد ذلك اليوم شيئا، حدثني به".
(أن عائشة قالت: ألا يعجبك أبو هريرة؟ ) الخطاب من عائشة لابن أختها، عروة بن الزبير، والمعنى: تعجب من أبي هريرة، فعند أبي داود "ألا أعجبك من أبي هريرة".
(جاء، فجلس إلى جنب حجرتي، يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، يسمعني ذلك) أي يسمعني أحاديث ليأخذ موافقتي على صحتها، أو ليسمع مني اعتراضا على بعضها.