للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مزامير آل داود"، وهو الذي فقه أهل البصرى وأقرأهم، وكان عمر إذا رآه قال له: "ذكرنا بربنا يا أبا موسى"، وفي رواية "شوقنا إلى ربنا" فيقرأ عنده.

أما عمه أبو عامر فقد أسلم معه، وقدم المدينة معه، وقاد حملة أوطاس، واستشهد بها.

أما الأشعريون قبيلة أبي موسى وعمه فلهم فضائل كثيرة، وهم قبيلة من أهل اليمن، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفدهم: "أتاكم أهل اليمن، هم أضعف قلوبا، وأرق أفئدة، الفقه يمان، والحكمة يمانية". وقد ذكرت أحاديثنا نبذة من فضائلهم، رضي الله عنهم وأرضاهم.

وسيأتي بعد باب مزيد عن أبي موسى والأشعريين.

-[المباحث العربية]-

(كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وهو نازل بالجعرانة) بكسر الجيم وكسر العين وتشديد الراء، وقد تسكن العين، وهي بين الطائف ومكة، وإلى مكة أقرب، قيل: بينها وبين مكة ثمانية عشر ميلا.

وكان نزوله صلى الله عليه وسلم الجعرانة مرتين. الأولى بعد أن نصره الله يوم حنين، وغنم المسلمون الغنائم الكثيرة أودع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الغنائم في الجعرانة، ولم يقسمها، حتى يؤدب ثقيفا بالطائف، فلما حاصرهم، قفل راجعا إلى الجعرانة لقسمة الغنائم.

(فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل أعرابي، فقال: ألا تنجز لي يا محمد ما وعدتني؟ ) لم يقف العلماء على اسم الأعرابي، جريا على عادتهم في الستر على المسيئين، والظاهر أن إتيان الأعرابي للرسول صلى الله عليه وسلم كان بعد عودته من الطائف، وقد استبطأ حديثو العهد بالإسلام قسمة الغنيمة، ومنهم هذا الأعرابي، والظاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد وعده شيئا من الغنيمة قبل أن يذهب إلى الطائف، فلما رجعوا تعجله وطلب إنجازه، ويحتمل أن يكون قد تعجل الوعد العام بقسمة الغنيمة، وقال: ألا تنجز ما وعدتني بقسمة الغنيمة، وإعطائي نصيبي منها عقب العودة من الطائف.

(فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبشر) بفتح الهمزة وسكون الباء وكسر الشين، أي أبشر بقرب إنجاز وعدك، أو بقرب القسمة، أو بالثواب الجزيل من الله على الصبر.

(فقال: قد أكثرت علي من أبشر) "أبشر" هنا مقصود حكايتها في محل جر بحرف "من" أي قلت لي هذه الكلمة كثيرا، دون إنجاز، وربما كان الأعرابي قد ألح في الطلب أثناء هذه المدة، وكان الجواب "أبشر" فقال: قد أكثرت علي منها، والمعنى أنه لا يقبلها، ويريد العمل، لا البشرى.

والتعبير بالأعرابي لالتماس العذر في خشونته وجفائه، وبعده عن الأدب، وحسن التعبير.

(فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي موسى وبلال - كهيئة الغضبان - فقال: إن هذا قد رد البشرى، فاقبلا أنتما) "أقبل الأولى معناها وجه وجهه نحوهما، مجانبا الأعرابي، و"اقبلا"

<<  <  ج: ص:  >  >>