موسى، فقال: إن ذاك قاتلي، تراه ذلك الذي رماني) أي أشار أبو عامر إلى شخص، وقال لأبي موسى: إنه هو هذا الذي رماني، وأعتقد أنه هو الذي قتلني. فقوله "تراه" بفتح التاء.
(قال أبو موسى: فقصدت له فاعتمدته، فلحقته) أي وكان يمشي الهوينى، غير خائف، لبعده عن الميدان.
(فلما رآني ولى عني ذاهبا) مفعول مطلق من معنى الفعل.
(فاتبعته، وجعلت أقول له: ألا تستحيي؟ ألست عربيا) والعربي غير جبان، لا يجري؟ .
(ألا تثبت) وتقاتل؟ .
(فكف) عن الجري، ووقف للقتال.
(فالتقيت أنا وهو) يضرب كل منا الآخر.
(فاختلفنا أنا وهو ضربتين فضربته بالسيف، فقتلته) هو ضربني ضربة، وضربته ضربة، فقتلته.
(ثم رجعت إلى أبي عامر. فقلت: إن الله قد قتل صاحبك. قال. فانزع هذا السهم) من ركبتي، وكان السهم ثابتا فيها، يسد السائل والدم.
(فنزعته، فنزا منه الماء) أي ظهر الدم السائل من الجرح، وجرى، ولم ينقطع.
(واستعملني أبو عامر على الناس) أي أعطاه الراية، واستخلفه قائدا على العسكر، فنصره الله.
(فلما رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم دخلت عليه، وهو في بيت على سرير مرمل، وعليه فراش، وقد أثر رمال السرير بظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وجنبيه) في رواية "فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم معي اللواء، قال: يا أبا موسى، قتل أبو عامر؟ ".
السرير المرمل بضم الميم وفتح الراء، وفتح الميم الثانية مشددة، أي معمول بالرمال، وهو حبال الحصر، التي تضفر بها الأسرة، وقوله "عليه فراش" أنكره بعضهم، وقال: الصواب "ما عليه فراش" فسقطت "ما" وتعقبه الحافظ ابن حجر، بأنه لا يلزم من كونه على غير فراش - كما في قصة عمر - أن لا يكون على سريره دائما فراش. اهـ. وفي هذا التعقيب نظر لأن من أنكر عبارة "عليه فراش" وصوبها بعبارة "ما عليه فراش" لم يقصد مشابهة هذه الحالة بحالة لقاء عمر رضي الله عنه، في قصة اعتزال الرسول صلى الله عليه وسلم نساءه، وإنما قصد أن تأثير السرير المرمل في الظهر والجنبين إنما يناسبه أن لا يكون بينه وبين الرمال فراش، إذ لو كان هناك فراش ما أثر غالبا، والهدف إظهار تأثير رمال السرير، وعبارة "عليه فراش" تصبح مناقضة للمطلوب، والعبارة المناسبة "ما عليه فراش".