(وقد كانت هاجرت إلى النجاشي، فيمن هاجر إليه) الهجرة الثانية إلى الحبشة، وكانوا يزيدون على ثمانين رجلا، سوى نسائهم وأبنائهم.
(فدخل عمر على حفصة، وأسماء عندها، فقال عمر - حين رأى أسماء - من هذه؟ ) أي قال لابنته، فيما بينه وبينها، وأسماء تسمع: من هذه؟ .
(قالت: أسماء بنت عميس) وكان يعرفها، ويعرف بعض حياتها.
(قال عمر: الحبشية هذه؟ ) نسبها إلى الحبشة لسكناها فيهم، وفي رواية للبخاري "آلحبشية هذه؟ " بهمزة الاستفهام.
(البحرية هذه؟ ) بهمزة الاستفهام أيضا عند البخاري، ونسبها إلى البحر، لركوبها إياه، وفي رواية "البحيرية هذه"؟ بالتصغير، للتمليح.
(فقالت أسماء: نعم) تفخر بأنها هاجرت بدينها إلى الحبشة.
(فقال عمر: سبقناكم بالهجرة) إلى المدينة، فلنا فضل السبق. يرد على فخرها بفخر.
(فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم) أي فنحن أقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم منكم دينا ومكانة في الإسلام.
(فغضبت، وقالت كلمة) أي ظهر عليها الغضب والانفعال، والمراد من الكلمة الكلام الكثير الآتي فيما بعد، بداية من قولها:
(كذبت يا عمر. كلا والله) قال النووي: "كذبت" أي أخطأت، وقد استعملوا "كذب" بمعنى أخطأ أي أقسم بالله أنكم لستم أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منا، وفي رواية "فقالت" أي لعمر. لقد صدقت. كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .. " إلخ تقول ذلك على سبيل التهكم، وبدأت تعلل لماذا هي ومن كان معها أحق. فقالت:
(كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يطعم جائعكم) وكنا نجوع في سبيل الله، ولا نجد من يطعمنا.
(ويعظ جاهلكم) وكنا نتشوف لمعرفة ديننا، ونحتاج المواعظ والتشريعات، ونفتقدها في سبيل الله، وكنت متمتعين به، ونحن محرومون من المصدر الإلهي.
(وكنا في دار - أو في أرض - البعداء البغضاء في الحبشة) "البعداء" بضم الباء وفتح العين جمع بعيد، و"البغضاء" بضم الباء وفتح الغين، جمع بغيض، وفي رواية "البعداء أو البغضاء" بأو، وفي رواية "البعد" بضم الباء والعين، وفي رواية "وكنا البعداء والطرداء".
(وذلك في الله وفي رسوله) أي في جميع ما تحملنا من مشاق ابتغاء وجه الله تعالى.