ويحتمل أن معناها دعاء، أي أسأل الله أن يغفر لها ما تقدم وما تأخر، والمراد قطعا من آمن منهم، وفي هذه الرواية من البديع ما يعرف بجناس الاشتقاق.
والمراد بنو غفار - بكسر الغين وتخفيف الفاء، ابن مليل، بضم الميم وفتح اللام مصغرا، ابن صخرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وسبق منهم إلى الإسلام أبو ذر الغفاري وأخوه أنيس، وقد سبق الكلام عن إسلامهما قبل أربعة عشر بابا.
(وأسلم سالمها الله) وقد شاركت "غفار" في كل ما فضلت به، وذكرت مصاحبة لها، متقدمة عليها أو تالية لها في جميع روايات مسلم، عدا الرواية السادسة، ولعل سقوطها من الرواة وفي العبارة جناس الاشتقاق أيضا، واحتمال كونها خبرا لفظا ومعنى، أي جعلها الله مسالمة للإسلام فيما مضى، لأنها أسلمت دون اشتراك في الحروب، واحتمال كونها خبرا لفظا، دعاء معني، أي صنع الله بهم ما يرضيهم، والمراد من "سالم" سلم، كما في قاتله الله.
و"أسلم" بن أفصى، بفتح الهمزة وسكون الفاء بعدها صاد، ابن حارثة بن عمرو بن عامر - أي ابن حارثة ابن امرئ القيس - بن ثعلبة بن مازن بن الأزد، قال الرشاطي: الأزد جرثومة من جراثيم قطحان، وفيهم قبائل، فمنهم الأنصار وخزاعة وغسان وغيرهم.
ونسب حارثة بن عمرو متصل باليمن، وقد خاطب النبي صلى الله عليه وسلم بني أسلم بأنهم من بني إسماعيل، كما في حديث سلمة بن الأكوع.
(اللهم العن بني لحيان، ورعلا، وذكوان وعصية، عصوا الله ورسوله)"لحيان" بكسر اللام وفتحها، وسكون الحاء، وهو ابن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر، وزعم الهمداني النسابة أن أصل بني لحيان من بقايا جرهم، دخلوا في هذيل، فنسبوا إليهم.
و"رعل" بكسر الراء وسكون العين، بطن من بني سليم، ينسبون إلى رعل بن عوف بن مالك بن امرئ القيس بن لهيعة بن سليم.
و"ذكوان" بطن من بني سليم أيضا، ينسبون إلى ذكوان بن ثعلبة.
و"عصية" بطن من بني سليم أيضا، ينسبون إلى "عصية" بضم العين وفتح الصاد، مصغر ابن خفاف، بضم الخاء، ابن امرئ القيس بن بهثة بضم الباء وسكون الهاء بعدها ثاء، ابن سليم.
أما جريمة بني لحيان فيرويها البخاري تحت باب غزوة الرجيع، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:"بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية" وفي رواية أنهم كانوا عشرة، وفي أخرى أنهم كانوا سبعة، بعثهم إلى مكة عيونا يتجسسون على قريش، ويأتونه بأخبارهم، وكان ذلك في السنة الثالثة "فانطلقوا حتى إذا كانوا بين عسفان ومكة، ذكروا لحي من هذيل، يقال لهم: بنو لحيان، فتبعوهم بنحو مائة رام، فاقتصوا آثارهم، حتى أتوا منزلا نزلوه، فلحقوهم، فهربوا منهم على تل، فجاء القوم فأحاطوا بهم، وقالوا لهم: إنا والله ما نريد قتالكم، إنما نريد أن نصيب منكم شيئا من أهل مكة، ولكم العهد والميثاق - إن نزلتم إلينا أن