وحديث الرضا عن أهل بيعة الرضوان تحت الشجرة، والقرآن الكريم يقول {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون * والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}[الحشر: ٨، ٩]
من هنا استحقوا الفضائل، والجزاء الحسن الموعود به، ولا يؤهل مجرد الرؤية لهذا الجزاء، وأحاديث الحوض، وأنه يذاد عنه بعض الصحابة، فيقول صلى الله عليه وسلم:"أصحابي. أصحابي؟ فيقال له: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فيقول صلى الله عليه وسلم: سحقا. سحقا". لم يغن عنهم أنهم رأوا، وإنما طبقت عليهم قواعد الإسلام، {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}[الزلزلة: ٧، ٨] يا حمزة بن عبد المطلب، يا فاطمة بنت محمد. اعملوا فلن أغني عنكم من الله شيئا. وهكذا لا تغني الرؤية بدون عمل، ولها فضلها، لكنها لا تكفي وحدها، ليتبرك بأصحابها، وليفتح بها على المسلمين، ولقد رأينا في غزوة أحد أن الصحبة لم تفتح، لمجرد أنهم خالفوا رغبة نبيهم وإشارته، فكيف نتبرك ونطمئن للفتح لمجرد وجود واحد رأى؟ نعم نتبرك ونأمل الفتح إذا كان من رأى صحب صحبة حقيقية، بذل فيها النفس والمال في سبيل الدعوة إلى الله. والله أعلم.
-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-
١ - أن الصحابة في مجموعهم خير من التابعين في مجموعهم، وأن التابعين في مجموعهم خير من أتباع التابعين في مجموعهم.
٢ - ويؤخذ منه جواز المفاضلة بين الصحابة.
٣ - استدل به بعضهم على تعديل أهل القرون الثلاثة، وإن تفاوتت منازلهم في الفضل، وهذا محمول على الغالب، والأكثرية، فقد وجد في بعض أفرادها من اتصف بصفات مذمومة، لكن بقلة، بخلاف ما بعد القرون الثلاثة، فالموجود من المذمومين أكثر.
٤ - استنبط البخاري من الرواية الأولى والثانية الاستعانة بالضعفاء والصالحين في الحرب، والتبرك بهم وبدعائهم، وقد أخرج أبو نعيم في الحلية "ينصر المسلمون بدعاء المستضعفين".
٥ - ومن الرواية الثالثة والرابعة ذم من يشهد ويحلف مع شهادته، واحتج به بعض المالكية في رد شهادة من حلف معها، وجمهور العلماء أنها لا ترد.
٦ - وفي الرواية السادسة ذم السمن الناتج عن الإكثار من الطعام والشراب.
٧ - وفي الرواية السابعة وملحقاتها ذم الخيانة، وعدم الوفاء بالنذر، قال ابن بطال: سوى بين من يخون أمانته، وبين من لا يفي بنذره، والخيانة مذمومة، فيكون ترك الوفاء بالنذر مذموما، وقال الباجي: ساق ما وصفهم به مساق العيب، والجائز لا يعاب، فدل على أن عدم الوفاء بالنذر غير جائز.