(كان عمر بن الخطاب إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم: أفيكم أويس بن عامر؟ ) الأمداد جمع مدد، أي الجماعات الغزاة، الذين يمدون جيوش الإسلام في الغزو.
أي يسأل عن أويس فلا يجده في الأمداد.
(حتى أتى على أويس) في الكلام قلب، والأصل: حتى أتى عليه أويس، أو لا قلب، والمعنى أتى على الأمداد يسألهم فيجيبون بالنفي، حتى أتى في سؤاله على وفد ردوا بالإيجاب.
(لو أقسم على الله لأبره) أي لاستجاب دعاءه.
(فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل) الخطاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر. أي اطلب منه أن يستغفر لك.
(فقال له عمر: أين تريد؟ ) أين تريد أن تقيم؟ .
(قال: الكوفة) مفعول لفعل محذوف، أي أريد الإقامة في الكوفة.
(قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ ) ليجلك ويكرمك كما تستحق؟ .
(قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي) فلا تكتب لعاملك، ولا تكشف أمري، وغبراء الناس، بفتح الغين وسكون الباء، أي ضعفائهم وعامتهم الذين لا يؤبه لهم.
(فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم) أي من أشراف القرنيين.
(فوافق عمر) أي فقابل عمر.
(فسأله عن أويس) أي حاله وتصرفاته وسلوكياته.
(قال: تركته رث البيت) أي رديئه وبذيئه.
(قليل المتاع) حقير المتاع والأثاث.
(فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل) يحتمل أن يكون هذا من تتمة كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، يحكيه عمر، ويحتمل أن يراد به وصية من عمر للرجل.
(فأتى أويسا: فقال: استغفر لي قال: أنت أحدث عهدا بسفر صالح، فاستغفر لي) أنت قال ذلك أويس تخفيا لحاله، ولم يرفض الاستغفار للرجل، فلما أصر الرجل على طلب استغفار أويس، فهم أويس أنه قابل عمر، وسمع الحديث من عمر، فسأله:
(لقيت عمر؟ قال: نعم، فاستغفر له، ففطن له الناس) وأخذوا يطلبون منه الاستغفار.
(فانطلق على وجهه) وترك الديار، ومشى على غير قصد مكان، بل حسبما يوجهه وجهه وطريقه.
(قال أسير: وكسوته بردة) فقبلها ولبسها على غير عادة.
(فكان كلما رآه إنسان قال: من أين لأويس هذه البردة؟ ) استغرابا وتعجبا، حيث لا يملك ثمن بردة، ولم يتعود لبس مثلها.