للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النووي يدخل في كشف الكربة وتفريجها من يزيلها بماله أو جاهه أو يساعده على تفريجها قال والظاهر أنه يدخل فيه من أزالها بإشارته ورأيه ودلالته ونصحه

(ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة) ستر المسلم يشمل كل ما سبق يشمل ستره عن الإهانة والذلة فلا يظلمه ولا يخذله ولا يكشف عوزه وضيقه وحاجته وكربه كما يشمل ستره عن الزلات وعدم كشف سوءاته وسيئاته وخص النووي لفظ "مسلم" فجعل المراد منه مسلما مطيعا غير معروف بالعصيان فقال وأما الستر المندوب إليه هنا فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس هو معروفا بالأذى والفساد

قال فأما المعروف بذلك فيستحب ألا يستر عليه بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء والإفساد وانتهاك الحرمات وجسارة غيره على مثل فعله

قال هذا كله في ستر معصية وقعت وانقضت أما معصية رآه عليها وهو بعد متلبس بها فتجب المبادرة بإنكارها عليه ومنعه منها على من قدر على ذلك ولا يحل تأخيرها فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر إذا لم يترتب على ذلك مفسدة اهـ

وعندي أن هناك فرقا بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبين الستر وكل منهما مأمور به وبينهما عموم وخصوص مطلق فيجتمعان في الستر وعدم الإشاعة مع الأمر بالمعروف بينه وبينه لأن النصيحة في الملأ فضيحة وينفرد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دون الستر في الجهر به وكشف سره ونصحه أمام الناس أو رفع أمره إلى الحاكم مع إمكان الإصلاح دون كشف وينفرد الستر كثيرا حتى يصل إلى اللامبالاة

(أتدرون ما المفلس) الاستفهام للتقرير وإخراج الجواب من المخاطب ليبني عليه الحكم المراد ولما كان المقصود السؤال عن الوصف وليس عن الذات عبر بـ "ما" بدل "من"

(قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع) أجابوا بأوصاف المفلس في العادة والعرف الدنيوي

(فقال إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة ... ) "من أمتي" ليس قيدا للاحتراز فالأمر كذلك في جميع الديانات

قال النووي معناه أن هذا حقيقة المفلس وأما من ليس له مال ومن قل ماله فالناس يسمونه مفلسا وليس هو حقيقة المفلس لأن هذا أمر يزول وينقطع بموته وربما ينقطع بيسار يحصل له بعد ذلك في حياته وإنما حقيقة المفلس هذا المذكور في الحديث فهو الهالك الهلاك التام والمعدوم الإعدام القاطع فتؤخذ حسناته لغرمائه فإذا فرغت حسناته أخذ من سيئاتهم فوضع عليه ثم ألقي في النار فتمت خسارته وهلاكه وإفلاسه اهـ وليس مقصود الحديث نفي الإفلاس عمن لا درهم عنده

<<  <  ج: ص:  >  >>