(عذبت امراة في هرة) المراد من التعذيب هنا دخولها النار في الآخرة فالفعل الماضي يراد به المستقبل والأصل تعذب امرأة بالنار يوم القيامة وعبر بالماضي لتحقق الوقوع والرجل في ذلك كالمرأة وذكر المرأة لما أنها غالبا هي التي تتولى هذا الأمر وقد وقعت الحادثة من المرأة وهي التي توعدها الحديث ومثلها ممن يفعل فعلها معرض لما تعرضت له وقد جاء في رواية أنها حميرية وفي رواية أنها من بني إسرائيل قال الحافظ ابن حجر ولا تضاد بينهما لأن طائفة من حمير كانوا قد دخلوا في اليهودية فنسبت إلى دينها تارة وإلى قبيلتها أخرى
و"في" في قوله "في هرة" للسببية أي بسبب هرة وفي الرواية الثالثة "من جراء هرة" أي من أجلها و"جراء" بالمد والقصر يقال من جرائك ومن جراك وجريرك وأجلك والهرة أنثى السنور معروفة ويقال للذكر "هر" وجمعه "هررة" كقرد وقردة وتجمع الهرة على هرر كقربة وقرب وفي الرواية الثالثة "هرة لها أو هر"
(سجنتها حتى ماتت) في الرواية الثانية "أوثقتها" وفي الرواية الثالثة "ربطتها" فيحتمل أنها ربطتها برباط ثم أغلقت عليها مكانها ليظهر بذلك تعمد الجريمة وتنوع ألوان التعذيب
(لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض) وتشرب من مياهها المنتشرة وخشاش الأرض بفتح الخاء وضمها وكسرها هوامها وحشراتها من فأرة ونحوها وحكى النووي أنه روى بالحاء والمراد نبات الأرض قال وهو ضعيف أو غلط وفي الرواية الثالثة "فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها ترمرم من خشاش الأرض حتى ماتت هزلا" قال النووي "ترمم" هكذا هو في أكثر النسخ "ترمرم" بضم التاء وفتح الراء الأولى وكسر الثانية بينهما ميم ساكنة وفي بعضها "ترمرم" بضم التاء وفتح الراء وكسر الميم الأولى مشددة أي تتناول بشفتيها اهـ يقال ترمم العظم تعرقه ورمت الشاة الحشيش أخذته بشفتيها والرمام بفتح الراء والميم المشددتين القشاش الذي يقش أرذل الطعام وما سقط منه ليأكله ولا يتوقى قذره ويقال رمرم الرجل إذا أكل ما سقط من الطعام ولم يتوق قذره و"هزلا" بفتح الهاء وسكون الزاي أي ضعفا وإعياء يقال هزل بفتح الزاي يهزل بضمها إذا ضعف وغث فهو هازل وهزيل
-[فقه الحديث]-
ظاهر الحديث أن المرأة عذبت بسبب قتل هذه الهرة بالحبس قال القاضي عياض يحتمل أن تكون المرأة كافرة فعذبت بكفرها وزيدت عذابا بسبب ذلك أو مسلمة وعذبت بسبب ذلك قال النووي الذي يظهر أنها كانت مسلمة وإنما دخلت النار بهذه المعصية اهـ ويبعده رواية أنها كانت