الفحوي لأنه إذا ثبت ذلك في الطفل الذي هو عبء على أبويه فكيف لا يثبت في الكبير الذي بلغ من السعي ووصل له منه النفع وتوجه إليه الخطاب بالحقوق اهـ
وعندي أن هذا القيد ليس للاحتراز وإنما ذكر لما أن الصغير موضع الرحمة والشفقة وقوة الأسى غالبا فمدار الحكم شدة التعلق والحب ليكون الصبر في الفقد كبيرا والاحتساب قويا والتسليم عظيما وحيثما وجدت هذه العلة في الكبير أو الصغير كان هذا الأجر الموعود به وحيثما لم توجد من الطفل أو من الأبوين لا يكون هذا الأجر وإن ثبت له أجر آخر
وقول الحافظ ابن حجر ويقوي الأول قوله في بقية الحديث الذي رواه البخاري "بفضل رحمته إياهم" لأن الرحمة للصغار أكثر لعدم حصول الإثم هذا القول لا يؤيده قول ابن التين إن الضمير في "رحمته" للأب أي لكونه كان يرحمهم في الدنيا فيجازى بالرحمة في الآخرة وهذا يتمشى مع توجيهنا للحديث والله أعلم
٣ - قال الحافظ ابن حجر وهل يلتحق بالصغار عند من قصر الحديث عليهم من بلغ مجنونا مثلا واستمر على ذلك فمات فيه نظر لأن كونهم لا إثم عليهم يقتضي الإلحاق وكون الامتحان بهم يخف بموتهم يقتضي عدمه ولم يقع التقييد في طرق الحديث بشدة الحب ولا عدمه وكان القياس يقتضي ذلك لما يوجد من كراهة بعض الناس لمولده وتبرمه منه ولا سيما من كان ضيق الحال لكن لما كان الولد مظنة المحبة والشفقة نيط به الحكم وإن تخلف في بعض الأفراد
٤ - قال ابن التين تبعا لعياض قول السائلة "واثنان" يدل على أن مفهوم العدد ليس بحجة لأن الصحابية من أهل اللسان ولم تعتبره إذ لو اعتبرته لانتفى الحكم عندها عما عدا الثلاثة لكنها جوزت ذلك فسألته قال الحافظ ابن حجر والظاهر أنها اعتبرت مفهوم العدد إذ لو لم تعتبره لم تسأل والتحقيق أن دلالة مفهوم العدد ليست يقينية وإنما هي محتملة ومن ثم وقع السؤال عن ذلك
٥ - أخذ بعضهم بذكر الثلاثة أن الأربعة فما فوقهم لا يحصل بهم الأجر المذكور سواء ماتوا دفعة واحدة أو ماتوا واحدا بعد الآخر فالثلاثة تعظم بهم المصيبة وأما ما زاد عليها فقد يخف أمر المصيبة لأنها تصير كالعادة كما قيل روعت بالبين حتى ما أراع له قاله القرطبي
قال الحافظ ابن حجر وهو جحود شديد فإن من مات له أربعة فقد مات له ثلاثة ضرورة لأنهم إن ماتوا دفعة واحدة فقد مات له ثلاثة وزيادة ولا خفاء بأن المصيبة بذلك أشد وإن ماتوا واحدا بعد واحد فإن الأجر يحصل له عند موت الثلاثة بمقتضى وعد الصادق فيلزم على قول القرطبي أنه إن مات له الرابع يرتفع عند ذلك الأجر مع تجدد المصيبة وكفى بهذا فسادا والحق أن تناول الحديث الأربعة فما فوقها من باب أولى وأحرى ويؤيد هذا أنهم لم يسألوا عن الأربعة ولا ما فوقها لأنه كالمعلوم عندهم إذ المصيبة إذا كثرت كان الأجر أعظم اهـ وهو كلام حسن