للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثالثة "أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء وقربك نجيا" وفي رواية ابن سيرين "اصطفاك الله برسالته واصطفاك لنفسه وأنزل عليك التوراة" وفي رواية "أنت الذي كلمك الله من وراء حجاب ولم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه قال نعم"

وفي هذا كله مدح لموسى لكن فيه تعريضا بالذم أي إذا كنت بهذه المنزلة كيف يخفى عليك أنه لا محيد من القدر أو تعريضا بفضل ما أنكره موسى وكأنه يقول لو لم يقع إخراجي الذي ترتب على أكلي من الشجرة ما حصلت لك هذه المناقب لأني لو بقيت في الجنة واستمر نسلي فيها ما وجد من يجاهر بالكفر الشنيع كما جاهر فرعون وما أرسلت أنت وما أعطيت ما أعطيت فإذا كنت أنا السبب في حصول هذه الفضائل لك فكيف يسوغ لك أن تلومني

(أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ ) في الرواية الثانية "فتلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق" وفي الرواية الثالثة "فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق قال موسى بأربعين عاما قال آدم فهل وجدت فيها وعصى آدم ربه فغوى قال نعم قال أفتلومني على أن عملت عملا كتبه الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة" وعند أحمد "فهل وجدت فيها أي في الألواح أو التوراة أني أهبط" وفي رواية "أفليس تجد فيما أنزل الله عليك أنه سيخرجني منها قبل أن يدخلنيها قال بلى" وفي رواية "فلم تلومني على شيء سبق من الله تعالى فيه القضاء" وفي رواية "أتلومني على أمر قدره علي قبل أن يخلق السماوات والأرض" قال الحافظ والجمع بينه وبين الرواية المقيدة بأربعين سنة حملها على ما يتعلق بالكتابة وحمل الأخرى على ما يتعلق بالعلم

وقال ابن التين يحتمل أن يكون المراد بالأربعين سنة ما بين قوله تعالى {إني جاعل في الأرض خليفة} إلى نفخ الروح في آدم وأجاب غيره بأن ابتداء المدة وقت الكتابة في الألواح وآخرها ابتداء خلق آدم وقال ابن الجوزي المعلومات كلها قد أحاط بها علم الله القديم قبل وجود المخلوقات كلها ولكن كتابتها وقعت في أوقات متفاوتة وقد ثبت في صحيح مسلم "أن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة" فيجوز أن تكون قصة آدم بخصوصها كتبت قبل خلقه بأربعين سنة ويجوز أن يكون ذلك القدر مدة لبثه طينا إلى أن نفخت فيه الروح فقد ثبت في صحيح مسلم أن بين تصويره طينا ونفخ الروح فيه كان مدة أربعين سنة ولا يخالف ذلك كتابة المقادير عموما قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة

وقال المازري الأظهر أن المراد أنه كتبه قبل خلق آدم بأربعين عاما ويحتمل أن يكون المراد أظهره للملائكة أو فعل فعلا ما أضاف إليه هذا التاريخ وإلا فمشيئة الله وتقديره قديم وقال النووي المراد بتقديرها كتبه في اللوح المحفوظ أو في التوارة أو في الألواح ولا يجوز أن يراد به أصل القدر لأنه أزلي والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>