للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وقولها أراه بفتح الهمزة أي أعلمه اهـ وقال الحافظ ابن حجر ويحتمل أن عائشة كان عندها علم من الحديث وظنت أنه زاد فيه أو نقص فلما حدث به ثانيا كما حدث به أولا تذكرت أنه على وفق ما كانت سمعت

وفي رواية قال عروة ثم لبثت سنة ثم لقيت عبد الله بن عمرو في الطواف فسألته .. الحديث قال الحافظ ابن حجر أفاد أن لقاءه إياه في المرة الثانية كان بمكة وكأن عروة كان حج في تلك السنة من المدينة وحج عبد الله من مصر فبلغ عائشة ويكون قولها إن ابن عمرو قد قدم أي من مصر طالبا مكة لا أنه قدم المدينة إذ لو دخلها للقيه عروة بها ويحتمل أن تكون عائشة حجت تلك السنة وحج معها عروة فقدم عبد الله بعد فلقيه عروة بأمر عائشة

-[فقه الحديث]-

أثارت هذه الأحاديث قضيتين الأولى استدل بها الجمهور على خلو الزمان عن مجتهد لأنها صريحة في رفع العلم وقبضه بقبض العلماء وفي ترئيس أهل الجهل ومن لازمه الحكم بالجهل وإذا انتفى العلم ومن يحكم به استلزم انتفاء الاجتهاد والمجتهد

وأكثر الحنابلة وبعض من غيرهم يقولون لا يخلو زمان عن مجتهد ويستدلون بحديث لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وفي لفظ حتى تقوم الساعة فإنه ظاهر في عدم الخلو وقالوا إن الاجتهاد فرض كفاية وانتفاؤه يستلزم الاتفاق على الباطل

وأجيب بأن فرض الكفاية مشروط ببقاء العلماء فأما إذا قام الدليل على انقراض العلماء فلا لأن بفقدهم تنتفي القدرة والتمكن من الاجتهاد وإذا انتفى أن يكون مقدورا لم يقع التكليف به هذا وينبغي أن نحدد موطن الخلاف أولا لوضوح القول الفصل

إن كان المراد جواز خلو الزمان عن مجتهد فهو جائز كما أن عدم خلو الزمان عن مجتهد جائز

وإن كان المراد وقوع وحصول خلو الزمان عن مجتهد في آخر الزمان يوم لا يقال في الأرض الله الله ويوم يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب كما رواه أحمد ويوم تأتي الريح اللينة فتقبض كل مؤمن في قلبه مثقال ذرة من إيمان فلا يبقى إلا شرار الخلق وعليهم تقوم الساعة فخلو الزمان حينئذ عن مجتهد محقق لا يقبل النزاع فيه وحديث لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين لا يعارضه لأنه معنيا بقوله حتى يأتي أمر الله وقوله حتى تقوم الساعة معناه حتى إشرافها ووجود آخر أشراطها كما وضحنا ذلك في شرح هذا الحديث

وإن كان المراد وقوع خلو الزمان عن مجتهد في أيام الضعف كأيامنا التي نعيشها فلا دليل في حديثنا للجمهور لأن قضايا العصر تتجدد ولا بد من حكم شرعي وإلا لم يكن الإسلام صالحا لكل زمان ومكان فلا بد من وجود مجتهد وإن لم يكن على مستوى المجتهدين الأوائل

<<  <  ج: ص:  >  >>