يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل" قيل يا رسول الله ما الاستعجال قال يقول "قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء".
-[المعنى العام]-
يقول تعالى {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}[الذاريات ٥٦] تلك الحكمة في خلق آدم وذريته وسكنهم الأرض لتكون العلاقة بين هذا المخلوق وبين ربه علاقة عبادة وطاعة وإذا كانت الملائكة يعبدون ربهم في كل أوقاتهم ويذكرون ربهم في كل حالاتهم لا يعصون الله ما أمرهم فليكن هذا المخلوق الجديد مكافحا مجاهدا النفس والهوى والشيطان ذاكرا الله لا نقول في كل أوقاته ولكن نقول في كثير من أوقاته إن الصلوات الخمس فرضت لتمثل طرفا من هذه الحكمة {وأقم الصلاة لذكري}[طه ١٤] لكنها تحتاج اقتطاع وقت وإن قل من أوقات الدنيا أما الذكر فيؤدي الغاية من الصلوات دون اقتطاع وقت ودون أدنى جهد فمن الناس من يذكر الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ومن الناس من تطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب
وقد أمر الله تعالى بذكره في كثير من آيات القرآن الكريم فهو يقول:{فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا}[البقرة ٢٠٠] ويقول {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا}[الأحزاب ٤١، ٤٢] ويقول {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله}[النور ٣٧]
ويحذر جل شأنه كثيرا من الغفلة عن ذكره فيقول {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}[المائدة ٩١] ويقول {فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين}[الزمر ٢٢] ويقول {ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين}[الزخرف ٣٦] ويقول {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله}[الحديد ١٦] ويقول {استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون}[المجادلة ١٩] ويقول {يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون}[المنافقون ٩] ويقول {ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا}[الجن ١٧] ويقول {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى}[طه ١٢٤]
وذكر الله بالقلب ميسور في كل حال وباللسان كذلك وقد يسر الله تعالى الذكر بالقرآن الكريم وعلمنا صلى الله عليه وسلم نماذج من الذكر الجميل والتسبيح والتهليل والتكبير والدعاء الجليل فهنيئا للذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما