للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-[المباحث العربية]-

(اللهم فإني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار) الفاء في "فإني" في جواب شرط مقدر أي إن كنت مستعيذا بك من شيء فإني أعوذ بك وأستجير بك من فتنة النار وأصل الفتن إدخال الذهب في النار لتظهر جودته من رداءته ويستعمل في إدخال الإنسان النار ويطلق على العذاب كقوله تعالى {ذوقوا فتنتكم} [الذاريات ١٤] وعلى ما يحصل عند العذاب كقوله {ألا في الفتنة سقطوا} [التوبة ٤٩] وعلى الاختبار كقوله {وفتناك فتونا} [طه ٤٠] وفيما يدفع إليه الإنسان من شدة ورخاء وفي الشدة أظهر معنى وأكثر استعمالا كقوله {ونبلوكم بالشر والخير فتنة} [الأنبياء ٣٥] ومنه قوله {وإن كادوا ليفتنونك} [الإسراء ٧٣] أي يوقعونك في بلية وشدة في صرفك عن العمل بما أوحى إليك قاله الراغب

وقال والفتنة تكون من الأفعال الصادرة من الله ومن العبد كالبلية والمصيبة والقتل والعذاب والمعصية وغيرها من المكروهات فإن كانت من الله فهي على وجه الحكمة وإن كانت من الإنسان بغير أمر الله فهي مذمومة فقد ذم الله الإنسان بإيقاعه الفتنة فقال {والفتنة أشد من القتل} [البقرة ١٩١] وقال {إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات} [البروج ١٠] وقال {ما أنتم عليه بفاتنين} [الصافات ١٦٢] وقال {بأييكم المفتون} [القلم ٦] وقال {واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله} [المائدة ٤٩]

وقال غيره أصل الفتنة الاختبار ثم استعملت فيما أخرجته المحنة والاختبار إلى المكروه ثم أطلقت على كل مكروه أو آيل إليه كالكفر والإثم والتحريق والفضيحة والفجور وغير ذلك اهـ وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه من الفتن كما كان يستعيذ بالله من الفتن بعامة ومن فتن معينة بخاصة كفتنة النار وكعذاب النار أي أدعو أن تجيرني وتحفظني من الضلال المفضي إلى النار ومن عذاب النار نفسه

(وفتنة القبر وعذاب القبر) فتنة القبر سؤال الملكين وعذاب القبر ما يترتب على عدم التوفيق في الإجابة من العذاب

(ومن شر فتنة الغنى) التقييد هنا "بشر" لأن الغنى فيه خير باعتبار فالتقييد يخرج ما فيه من الخير سواء قل أو كثر قال الغزالي فتنة الغنى الحرص على جمع المال وحبه حتى يكسبه من غير حله ويمنعه من واجبات إنفاقه وحقوقه فينفقه في إسراف أو في باطل أو في مفاخر

(ومن شر فتنة الفقر) والمراد به الفقر المدقع الذي لا يصحبه خير ولا ورع حتى يتورط صاحبه بسببه فيما لا يليق بأهل الدين والمروءة ولا يبالي بسبب فاقته على أي حرام وثب ولا في أي حالة تورط وقيل المراد به فقر النفس الذي لا يرده ملك الدنيا بحذافيرها وليس فيه ما يدل على تفضيل الفقر على الغنى ولا عكسه

<<  <  ج: ص:  >  >>