خشية الله تعالى والكافر لا يخشى الله تعالى ولا يغفر له فلا يحمل قوله فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا" على أنه أراد نفي قدرة الله تعالى فإن الشاك في قدرة الله تعالى كافر وإنما له تأويلان
أحدهما أن معناه لئن قدر علي العذاب أي قضاه يقال منه قدر بالتخفيف وقدر بالتشديد بمعنى واحد
والثاني إن "قدر" هنا بمعنى ضيق علي كما قال تعالى {فقدر عليه رزقه}[الفجر ١٦] وهو أحد الأقوال في تفسير قوله تعالى {فظن أن لن نقدر عليه}[الأنبياء ٨٧]
وقالت طائفة اللفظ على ظاهره ولكن الرجل قاله في حالة الدهشة والخوف وشدة الجزع فصار في معنى الغافل والناسي وهذه الحالة لا يؤاخذ فيها وهو نحو قول القائل الآخر الذي غلب عليه الفرح حين وجد راحلته أنت عبدي وأنا ربك فلم يكفر بذلك الدهش والغلبة والسهو
وقالت طائفة كان هذا الرجل في زمن الفترة حين ينفع مجرد التوحيد ولا تكليف قبل ورود الشرع على المذهب الصحيح لقوله تعالى {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}[الإسراء ١٥]
وقالت طائفة يجوز أنه كان في زمن شرعهم جواز العفو عن الكافر بخلاف شرعنا وذلك من مجوزات العقول عند أهل السنة وإنما منعناه في شرعنا بالشرع بقوله تعالى {إن الله لا يغفر أن يشرك به}[النساء ١١٦] والله أعلم
١٧ - وفي هذا الحديث جواز تسمية الشيء بما قرب منه لأنه قال "حضره الموت" وإنما الذي حضره في تلك الحالة علامات الموت ومقدماته
١٨ - وفي الرواية الثالثة عشرة أنه يستحب للواعظ أن يجمع في موعظته بين الخوف والرجاء لئلا يقنط أحد ولا يتكل فابن شهاب لما خاف أن السامع للرجاء ولقصة هذا الرجل يتكل على ما فيه من سعة رحمة الله ضم إليه حديث المرأة التي دخلت النار في حبسها هرة لما فيه من التخويف
١٩ - وفيه وضوح قدرة الله تعالى على البعث فإن أمر الله للأرض والبحر أن يؤدي كل منها ما عنده وقيام الرجل بأمر "كن" واضح في ذلك وإن كان المراد به المستقبل وأنه سيكون