فرض أن فيه رحمة ما حتى يقصد لأجلها فالله سبحانه وتعالى أرحم منه فليقصد العاقل لحاجته من هو أشد له رحمة
٩ - وفيه جواز النظر للنساء المسبيات لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينه عن النظر إلى المرأة المذكورة بل في سياق الحديث ما يقتضي إذنه في النظر إليها
١٠ - وفيه ضرب المثل بما يدرك بالحواس لما لا يدرك بها لتحصيل معرفة الشيء على وجهه وإن كان الذي ضرب به المثل لا يحاط بحقيقته لأن رحمة الله لا تدرك بالعقل ومع ذلك فقربها النبي صلى الله عليه وسلم للسامعين بحال المرأة المذكورة
١١ - وفيه جواز ارتكاب أخف الضررين لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينه المرأة عن إرضاع الأطفال الذين أرضعتهم مع احتمال أن يكبر بعضهم فيتزوج بعض من أرضعته المرأة لكن لما كانت حالة الإرضاع ناجزة وما يخشى من المحرمية متوهم اغتفر قاله الحافظ ابن حجر وفيه نظر
١٢ - وفيه أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة من جهة أن الأطفال لولا أنهم كان بهم ضرورة إلى الإرضاع في تلك الحالة ما تركها النبي صلى الله عليه وسلم ترضع أحدا منهم وقد يستدل به على أن الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة وهو أقوى لأنه صلى الله عليه وسلم أقرها على إرضاعهم من قبل أن تتبين الضرورة كذا نقل الحافظ ابن حجر وهو غير مسلم فلا دلالة في الحديث لأحد القولين
١٣ - ومن الرواية العاشرة سعة الرجاء والطمع في رحمة الله إذ المعنى لو علم الكافر سعة الرحمة لغطى على ما يعلمه من عظم العذاب فيحصل له الرجاء وقد ورد "أن إبليس يتطاول للشفاعة لما يرى يوم القيامة من سعة الرحمة" أخرجه الطبراني في الأوسط
١٤ - بل قيل إن هذه الرواية فيها وعد ووعيد المقتضيين للرجاء والخوف فمن علم أن من صفات الله الرحمة لمن أراد أن يرحمه والانتقام ممن أراد أن ينتقم منه لا يأمن انتقامه من يرجو رحمته ولا ييأس من رحمته من يخاف انتقامه والمقصود من الحديث أن يكون المكلف بين الخوف والرجاء
١٥ - ومن الرواية الحادية عشرة والثانية عشرة درجة الخوف من الله فإن الخوف ينشأ من معرفة قبح الجناية والتصديق بالوعيد عليها فلما وقع ذلك للرجل غفر له وقالت المعتزلة غفر له لأنه تاب عند موته وندم على ما فعله وكان نباشا وتعقب بأنه لم يرد أنه رد المظالم فالمغفرة حينئذ بفضل الله لا بالتوبة لأنها لا تتم إلا بأخذ المظلوم حقه من الظالم وقالت المرجئة غفر له بأصل توحيده الذي لا تضر معه معصية وتعقب بأنه ورد في بعض الروايات أنه عذب وتحمل الرحمة والمغفرة على ترك الخلود في النار فيكون في هذه الرواية ردا على المرجئة والمعتزلة معا قال ابن أبي جمرة كان الرجل مؤمنا لأنه قد أيقن بالحساب وأن السيئات يعاقب عليها وأما ما أوصى به فلعله كان جائزا في شرعهم ذلك لتصحيح التوبة فقد ثبت في شرع بني إسرائيل قتلهم أنفسهم لصحة التوبة
١٦ - قال النووي استدل بالحديث على أن الرجل كان مؤمنا لأنه قال في آخره إنما فعل هذا من