للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يا نبي الله! جعلنا الله فداءك. أوتدري ما النقير؟ قال "نعم. الجذع ينقر وسطه. ولا في الدباء ولا في الحنتمة وعليكم بالموكى".

-[المعنى العام]-

كان منقذ بن حبان من قبيلة عبد القيس رجلا تاجرا، يحمل الملاحف والتمر ليبيعها بالمدينة المنورة.

فبينا هو قاعد إذ مر به النبي صلى الله عليه وسلم، فنهض منقذ إليه احتراما وتقديرا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أمنقذ بن حبان؟ كيف جميع قومك؟ كيف فلان وفلان وفلان؟ يسأله عن أشراف عبد القيس، ويسميهم بأسمائهم واحدا واحدا، فوقع الإسلام في قلب منقذ فأسلم، وتعلم الفاتحة وسورة {اقرأ باسم ربك} ثم رحل، وقد حمله النبي صلى الله عليه وسلم كتابا إلى جماعة عبد القيس، فلما وصل خاف أن يظهر الكتاب، وكتمه أياما، وأخذ يصلي في منزله سرا.

ورأت امرأته أنه يقول كلاما ويعمل أعمالا لم تعهدها، فقالت لأبيها- وهو المنذر بن عائذ الذي سماه الرسول صلى الله عليه وسلم بالأشج فيما بعد - قالت له: أنكرت بعلي منذ قدم من يثرب إنه يغسل أطرافه، ويستقبل هذه الجهة، فيحني ظهره مرة، ويضع جبينه مرة، ذلك ديدنه منذ قدم.

فالتقى أبوها بزوجها، وتكلما وتفاهما، فأسلم المنذر، فأراه منقذ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد القيس، فقام المنقذ به إلى قومه، فقرأه عليهم، ورغبهم في الإسلام فأسلموا، وقرروا السير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لينهلوا من نبع نهر الحياة، وليأخذوا قبسا من مصدر النور يضيء لهم الطريق.

ولكن أنى لهم الوصول إلى المدينة؟ .

إنهم في البحرين في شرق الجزيرة العربية، والمدينة في غربها، وكفار مضر يسكنون وسطها، يتعرضون للقوافل، ويقطعون السبيل، ويقتلون ويسلبون، وخصوصا المتوجه إلى المدينة الراغب في الإسلام.

وكان الرأي الحكيم أن يحددوا لسفرهم شهر رجب، الشهر الذي تقدسه مضر وتعظمه وتبالغ في احترامه أكثر مما تفعل في بقية الأشهر الحرم، إنهم يلقون فيه السلاح إلقاء كاملا وينصلون فيه أسنة الرماح، ويسمونه الأصم لأنه لا تسمع فيه قرقرة السلاح، وفي رجب من العام الثامن للهجرة، وقبيل فتح مكة سار الوفد، سار أربعون رجلا، من بينهم أربعة عشر أو سبعة عشر من سادات عبد القيس وأشرافها وفرسانها ركبانا والباقون مشاة، حتى قاربوا المدينة.

وألقى في روع رسول الله صلى الله عليه وسلم قدومهم، فقال لجلسائه، سيطلع عليكم من هذا الوجه ركب هم خير أهل المشرق، غير ناكثين ولا مبدلين ولا مرتابين، فقام عمر رضي الله عنه فاستقبلهم على أبواب المدينة فرحب وقرب، وقال: من القوم؟ فقالوا: وفد عبد القيس، فصحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلقاهم

<<  <  ج: ص:  >  >>