فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى فلما انصرف قال من المتكلم ثلاثا فقلت أنا يا رسول الله فقال والذي نفسي بيده لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها قال الحافظ ابن حجر ولا أصل لما اعتاده كثير من الناس من استكمال قراءة الفاتحة بعد قوله الحمد لله رب العالمين وكذا العدول عن الحمد إلى أشهد أن لا إله إلا الله أو تقديمها على الحمد اهـ
وحكمة مشروعية الحمد أن العطاس يدفع الأذى عن الدماغ الذي بسلامته تسلم الأعضاء ويخرج الفضلات ويصفي الروح فهو نعمة جليلة يناسبها أن تقابل بالحمد
ومن آداب العاطس أن يخفض بالعطاس صوته وأن يرفع صوته بالحمد وأن يغطي وجهه أو مقابل فمه وأنفه لئلا يخرج من فمه وأنفه ما يؤذي جليسه وأن لا يلوي عنقه يمينا أو شمالا لئلا يتضرر بذلك
٢ - مشروعية تشميت العاطس واستدل جمهور أهل الظاهر وجماعة من المالكية بقوله في رواية البخاري "كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له يرحمك الله" على أن التشميت واجب عيني وقال الحنفية وجمهور الحنابلة وهو الراجح عند المالكية إن قوله "على كل مسلم" محمول على حال انفراد السامع فإذا سمع العاطس اثنان فأكثر كان التشميت واجبا على الكفاية فيسقط الإثم بتشميت بعضهم وقال الشافعية وبعض المالكية إن المراد من الحديث أن التشميت حق في حسن الأدب ومكارم الأخلاق فهو مستحب عينا إن انفرد السامع وإلا فعلى الكفاية
٣ - وظاهر الحديث أن الأمر بالتشميت خاص بمن حمد الله أما من لم يحمد الله فقد قال النووي يستحب لمن حضر من عطس فلم يحمد أن يذكره بالحمد ليحمد فيشمته وهو من باب النصيحة والأمر بالمعروف وزعم ابن العربي أن الذي يذكر بالحمد جاهل لأنه يلزم نفسه بما لم يلزمها ثم قال ابن العربي لو ذكر وشمت فقال الحمد لله يرحمك الله جمع جهالتين جهالة التذكير وجهالة إيقاع التشميت قبل وجود الحمد من العاطس
وقد خطأ العلماء ابن العربي فيما زعم والصواب استحباب التذكير
كذلك يشرع التشميت إذا عرف الحاضر أن العاطس حمد الله وإن لم يسمعه لعموم الأمر به لمن عطس فحمد قاله بعضهم وقال النووي المختار أنه يشرع لمن سمعه دون غيره اهـ واستثنى العلماء ممن يشمت
(أ) الكافر قال ابن دقيق العيد إذا نظرنا إلى قول من قال من أهل اللغة إن التشميت دعاء بالخير دخل الكفار في عموم الأمر بالتشميت وإذا نظرنا إلى من خص التشميت بالرحمة لم يدخلوا وقد روى أبو موسى الأشعري قال "كانت اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول يرحمكم الله فكان يقول يهديكم الله ويصلح بالكم" قال الحافظ ابن حجر هذا