للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحديث يدل على أنهم يدخلون في مطلق الأمر بالتشميت لكن لهم تشميت خاص وهو الدعاء لهم بالهداية وإصلاح البال

(ب) والمزكوم الذي تكرر منه العطاس فزاد على الثلاث قال النووي إذا تكرر العطاس متتابعا فالسنة أن يشمته لكل مرة إلى أن يبلغ ثلاث مرات فيقول له في الثالثة أنت مزكوم ومعناه أنك لست ممن يشمت لأن الذي بك مرض وليس من العطاس المحمود الناشئ عن خفة البدن قال ابن حجر فإن قيل فإذا كان مريضا فإنه ينبغي أن يشمت بطريق الأولى لأنه أحوج إلى الدعاء من غيره قلنا نعم لكن يدعى له بدعاء آخر يلائمه كالدعاء بالعافية والشفاء لا بالدعاء المشروع للعاطس وذكر ابن دقيق العيد عن بعض الشافعية أنه يكرر التشميت إذا تكرر العطاس حتى يعرف أنه مزكوم ولو زاد على ثلاث ومعنى ذلك أن الأمر بالتشميت يسقط عند العلم بالزكام ولو بدون تكرار وهذا ظاهر روايتنا الثالثة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "الرجل مزكوم" بعد الثانية

(جـ) ومن عرف من حاله أنه يكره التشميت فإنه لا يشمت إجلالا للتشميت أن يؤهل له من يكرهه ولا يقال كيف تترك السنة لذلك فإنما هي سنة لمن أحبها أما من كرهها ورغب عنها فلا ويطرد ذلك في السلام وعيادة المريض

قال ابن دقيق العيد والذي عندي أنه لا يمتنع من ذلك إلا مع من خاف منه ضررا فأما غيره فيشمت امتثالا للأمر ومناقضة للتكبر في مراده وكسرا لسورته في ذلك وهو أولى من إجلال التشميت

(د) ومن عطس والإمام يخطب فإن التشميت يتعارض والأمر بالإنصات لمن يسمع الخطيب فتعين تأخير التشميت حتى يفرغ الخطيب أو يشرع له التشميت بالإشارة

(هـ) ومن كان عطاسه في حالة امتنع عليه فيها ذكر الله كما إذا كان على الخلاء أو في الجماع ثم يحمد الله تعالى بعد الفراغ من ذلك فيشمت

٤ - ويؤخذ من الرواية الثالثة أن لفظ التشميت "يرحمك الله" قال ابن بطال يخصه بالدعاء وحده وأخرج الطبري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال "يقول يرحمنا الله وإياكم" وعن ابن عباس رضي الله عنهما يقول "عافانا الله وإياكم من النار يرحمكم الله"

وحكمة مشروعية التشميت تحصيل المودة والتأليف بين المسلمين وتأديب العاطس بتخلية نفسه من الكبر وتحليتها بالتواضع لما في ذلك من ذكر الرحمة والإشعار بالذنب الذي لا يعرى عنه أكثر المكلفين ذكره ابن دقيق العيد

ويقول العاطس بعد التشميت يرحمنا الله وإياكم أو يغفر الله لنا ولكم وقيل يقول يهديكم الله ويصلح بالكم قال ابن بطال ذهب مالك والشافعي إلى أنه يتخير بين اللفظين قال ابن رشد والجمع بينهما أحسن إلا للذمي

<<  <  ج: ص:  >  >>