(سبقك بها عكاشة) بضم العين وتشديد الكاف، ويجوز تخفيفها، وفي الرواية الثانية "عكاشة بن محصن" بكسر الميم وسكون الحاء وفتح الصاد، من بني أسد بن خزيمة، وكان من السابقين إلى الإسلام، وكان من أجمل الرجال، وكنيته أبو محصن، وهاجر، وشهد بدرا، وقاتل فيها، قال ابن إسحاق: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير فارس في العرب عكاشة" استشهد في قتال الردة في جيش خالد بن الوليد سنة اثنتي عشرة.
(يدخل من أمتي زمرة) الزمرة الجماعة في تفرقة، بعضها في إثر بعض، وفي الرواية الثالثة "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا زمرة واحدة" روي فيها برفع "زمرة" ونصبها.
(فقام رجل من الأنصار) قيل: هو سعد بن عبادة، وهو بعيد لما سيأتي في فقه الحديث.
(عكاشة .. يرفع نمرة عليه) بفتح النون وكسر الميم، وهي كساء من صوف، فيه خطوط بيض وسود وحمر، كأنها أخذت من جلد النمر، لاشتراكهما في التلون، وهي من مآزر العرب.
(منهم على صورة القمر)"من" بيانية، أي هم على صورة القمر، والمراد بالصورة الصفة، يعني أنهم في إشراق وجوههم على صفة القمر ليلة تمامه، وهي ليلة اليوم الرابع عشر، وفي الرواية الثانية "تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر" أي تشرق وجوههم إشراق البدر.
(هم الذين لا يكتوون) أي لا يفعلون الكي بأجسامهم للعلاج، وسيأتي بيان حكمه في فقه الحديث.
(ولا يسترقون) بفتح الياء وسكون السين وفتح التاء وسكون الراء، أي لا يطلبون الرقية علاجا، يقال "رقى" بالفتح في الماضي "يرقي" بالكسر في المضارع، والرقية التعويذ.
(وعلى ربهم يتوكلون) في الكلام قصر، طريقة تقديم ما حقه التأخير، وهذه الجملة يحتمل أن تكون مفسرة لما تقدم، ويحتمل أن تكون من ذكر العام بعد الخاص، لأن صفة كل واحدة منها صفة أخص من التوكل، وهو أعم من ذلك.
(ولا يتطيرون) الطيرة بكسر الطاء وفتح الياء، وقد تسكن: وهي التشاؤم، وأصل التطير أنهم كانوا في الجاهلية يعتمدون على الطير، فإذا خرج أحدهم لأمر زجر الطير، فإن طار يمنة تيمن واستمر، وإن طار يسرة تشاءم به ورجع، وكانوا يسمونه السانح والبارح، فالطير السانح ما ولاك ميامنه، بأن يمر عن يسارك، وكانوا يتيمنون به، والبارح بالعكس ويتشاءمون منه، وليس في شيء من سنوح الطير وبروحها ما يقضي ما اعتقدوه، وإنما هو تكلف بتعاطي ما لا أصل له، إذ لا نطق للطير،