سمعوا الواحد من الألف- أن يكونوا في الجنة شيئا، فكيف يطلب رضاهم ليكونوا ربع أهلها؟ لقد أنطقت النشوة ألسنتهم بالحمد لله والله أكبر، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟ قالوا: نعم رضينا، والحمد لله والله أكبر. قال: أترضون أن تكونوا نصف أهل الجنة؟ قالوا: نعم رضينا، والحمد لله والله أكبر. قال: بل أنتم نصف أهل الجنة، وتقاسمونهم في النصف الثاني.
وفرح المسلمون بوعد الله، وأعدوا لهذا الجزاء عدته، وعملوا وجاهدوا في الله حق جهاده، فاستحقوا بذلك فضله وعفوه ورحمته، وصدق عليهم قوله:{والسابقون السابقون* أولئك المقربون* في جنات النعيم}[الواقعة: ١٠ - ١٢].
-[المباحث العربية]-
(عن عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه.
(أما ترضون)"أما" بتخفيف الميم، حرف عرض، بمنزلة "ألا" وهي مختصة بالفعل. قال ابن هشام: وقد يدعى في ذلك أن الهمزة للاستفهام التقريري، وأن "ما" نافية، مثلها في "ألم" و"ألا" اهـ. ولعله الأنسب هنا. وفي رواية "أترضون"؟ وفي رواية "ألا ترضون" وفي رواية "أليس ترضون"؟ وفي رواية "أتحبون"؟ .
(إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة) في القاموس: الشطر نصف الشيء، وجزؤه، ومنه حديث الإسراء "فوضع شطرها" أي بعضها. اهـ. والمراد هنا النصف، ففي الرواية الثانية "إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة".
(وسأخبركم عن ذلك) وفي رواية "وسأحدثكم بقلة المسلمين في الكفار يوم القيامة".
(إلا كشعرة بيضاء في ثور أسود) في الرواية الثانية "أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر" قال ابن التين: أطلق الشعرة، وليس المراد حقيقة الوحدة، لأنه لا يكون ثور ليس في جلده غير شعرة واحدة من غير لونه. اهـ. فالكلام كناية عن قلة المسلمين عددا بالنسبة لغيرهم من الأمم.
(كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة نحوا من أربعين رجلا)"في قبة" خبر "كان" و"نحوا" خبر بعد خبر، أو حال من الضمير المستكن في الخبر، وفي الرواية الثالثة "فأسند ظهره إلى قبة أدم" والإضافة في "قبة أدم" بمعنى "من" و"الأدم" بفتح الهمزة والدال: اسم جمع، والأديم: الجلد المدبوغ، واستناده إلى القبة لا ينافي كونه فيها، لأنه مستند إلى جدارها من الداخل.
(لبيك وسعديك) معنى "لبيك" إجابة لك بعد إجابة، للتأكيد، وقيل: قربا منك وطاعة لك، وقيل: أنا مقيم على طاعتك، وقيل: محبتي لك. قال ابن الأنباري: ثنوا "لبيك" كما ثنوا "حنانيك"