للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-[فقه الحديث]-

بينا في الحديث السابق الفرق بين الصحة والقبول، ونزيد هنا أن بعضهم فسر الإجزاء بمطابقة الأمر، والقبول بترتب الثواب، فلم يتم الاستدلال بالحديث على نفي الصحة، قال ابن دقيق العيد: إلا أن يقال: دل الدليل على كون القبول من لوازم الصحة، فإذا انتفى انتفت، فيصح الاستدلال بنفي القبول على نفي الصحة. اهـ.

وهذا التلازم الذي ذكره ابن دقيق العيد تلازم في الغالب، فقد نفى القبول بمعنى نفي الثواب مع ثبوت الصحة في قوله صلى الله عليه وسلم "من أتى عرافا لم تقبل له صلاة" رواه أحمد والبخاري.

وقوله صلى الله عليه وسلم "إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة" رواه مسلم.

نعم المراد من نفي القبول في هذا الحديث والذي قبله نفي الصحة، من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم، ويكفي التلازم الغالبي في هذا الإطلاق.

والحدث المذكور في الحديث مقصود به الحدث الأصغر، لأنه الذي يستوجب الوضوء ويرفعه الوضوء، ويكون بخروج شيء من أحد السبيلين، سواء كان ريحا أو غيره، نعم فسر أبو هريرة الحدث في رواية البخاري بالريح، ولفظها "عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ" قال رجل من حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: "فساء أو ضراط" بل فسره في رواية أخرى للبخاري بالضراط فقط، ولفظها "عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة ما لم يحدث" فقال رجل أعجمي: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: الصوت. "يعني الضرطة".

ولما كان العلماء متفقين على أن ما يخرج من السبيلين من غير الريح ناقض للوضوء وجهوا تفسير أبي هريرة للحدث بأنه تفسير بالأخص للتنبيه بالأخف على الأغلظ، ولأن الفساء والضراط قد يقعان في أثناء الصلاة، أو لعلمه أن السائل كان يعلم حكم غيرهما ويجهل كونهما حدثا، فتعرض لحكمهما بيانا لذلك.

وليس في تفسير أبي هريرة حجة لمن قصر الحدث على ما يخرج من السبيلين؛ لأن تفسير أبي هريرة ليس بحجة، فقد يكون رأيا له، على أنه -كما سبق- فسره بالأخف وترك الأغلظ، على أن العلماء اتفقوا على أن زوال العقل بالجنون والإغماء والسكر ينقض الوضوء، سواء قل أو كثر، ولم يذكره أبو هريرة.

وأما باقي الأحداث المختلف فيها بين العلماء فهي:

١ - النوم: وقد اختلف العلماء فيه على مذاهب ثمانية ذكرها النووي، الأول: أنه لا ينقض الوضوء على أي حال، وهو محكي عن أبي موسى الأشعري وسعيد بن المسيب والشيعة الإمامية، واستدلوا بما

<<  <  ج: ص:  >  >>