رواه أبو داود ومسلم والترمذي عن أنس قال "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رءوسهم، ثم يصلون ولا يتوضؤون".
الثاني أن النوم ينقض الوضوء بكل حال: قليله وكثيره، وهو مذهب الحسن البصري والمزني وابن المنذر، واستدلوا بما رواه أحمد والنسائي والترمذي عن صفوان بن عسال قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائط وبول ونوم" فذكر الأحداث التي ينزع منها الخف، وعد من جملتها النوم، وجعله مقترنا بالبول والغائط اللذين هما ناقضان بالإجماع، كما استدلوا بما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ" لم يفرق بين قليل النوم وكثيره ولا بين حال للنائم وحال أخرى.
الثالث: أن كثير النوم ينقض بكل حال، وقليله لا ينقض بكل حال، وهو مذهب الأوزاعي ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه، واستدلوا بحديث أنس السابق، وحملوا ما فيه على قليل النوم.
الرابع: إذا نام على هيئة من هيئات المصلي كالراكع والساجد والقائم والقاعد مستلقيا على قفاه انتقض، وهو مذهب أبي حنيفة وداود وهو قول غريب للشافعي، واستدلوا بما رواه البيهقي "إذا نام العبد في سجوده باهي الله به الملائكة"
الخامس: أنه لا ينقض إلا نوم الراكع والساجد، وهو مروي عن أحمد، ولعل وجهه أن الركوع والسجود مظنة للانتقاض.
السادس: أنه لا ينقض إلا نوم الساجد وهو مروي أيضا عن أحمد.
السابع: أنه لا ينقض النوم في الصلاة بكل حال، وينقض خارج الصلاة، ونسب إلى أبي حنيفة.
الثامن: أنه إذا نام جالسا ممكنا مقعدته من الأرض لم ينقض، سواء قل أو كثر، وسواء كان في الصلاة أو خارجها، وهو مذهب الشافعي، وعنده أن النوم ليس حدثا في نفسه، وإنما هو دليل على خروج الريح، قال النووي: وهذا أقرب المذاهب عندي، وبه يجمع بين الأدلة. اهـ.
٢ - لمس المرأة: ومذهب الشافعي وأصحابه وابن مسعود وابن عمر والزهري أن لمس المرأة الأجنبية من غير حائل ناقض للوضوء، صغيرة كانت أو كبيرة، تشتهي أو لا تشتهي سدا للذرائع، واستدلوا بقوله تعالى {أو لامستم النساء}[النساء: ٤٣، المائدة: ٦] فهو صريح بأن اللمس من جملة الأحداث الموجبة للوضوء، وهو حقيقة في لمس اليد ويؤيد بقاءه على معناه الحقيقي قراءة {أو لمستم} فإنها ظاهرة في مجرد اللمس، وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف وعلي وعطاء وابن عباس إلى أنه لا ينقض. قال أبو حنيفة وأبو يوسف: إلا إذا تباشر الفرجان وانتشر، حصل مذي أو لم يحصل، واستدلوا بحديث عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض أزواجه، ثم يصلي -ولا يتوضأ" رواه أبو داود والنسائي، فهذا الحديث قرينة على أن المراد من اللمس في الآية الجماع، ورد بأن الحديث مرسل وضعيف.