وذهب مالك والليث وأحمد إلى أن اللمس بشهوة ينقض وبدونها لا ينقض جمعا بين الآية والحديث، فحملوا اللمس في الآية على ما إذا كان بشهوة، وفي الحديث على ما إذا كان بدونها.
٣ - مس ذكر الآدمي وقبل المرأة: ومذهب الشافعي وأحمد وإسحق ومالك في المشهور عنه أنه ناقض للوضوء، سواء كان ذكر نفسه أو غيره، واستدلوا بما رواه الخمسة وصححه الترمذي عن بسرة بنت صفوان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من مس ذكره فلا يصلي حتى يتوضأ" وبما رواه ابن ماجه وصححه أحمد عن أم حبيبة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من مس فرجه فليتوضأ".
ومذهب أبي حنيفة وأصحابه والثوري وغيرهم أنه لا ينقض، واحتجوا بما رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد مرفوعا بلفظ "الرجل يمس ذكره أعليه وضوء؟ قال صلى الله عليه وسلم: إنما هو بضعة منك".
٤ - القيء: ومذهب أبي حنيفة أنه من نواقض الوضوء بشرط أن يكون من المعدة، وأن يكون ملء الفم، وأن يكون دفعة واحدة، ودليله ما رواه أحمد والترمذي عن أبي الدرداء "أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ" ومذهب الشافعي وأصحابه أنه لا ينقض الوضوء، وأجابوا عن الحديث بأن المراد بالوضوء غسل اليدين، أو أنه مندوب.
٥ - الدم: ومذهب أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل أن الدم من نواقض الوضوء وقيدوه بالسيلان، واستدلوا مما رواه ابن ماجه والدارقطني عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أصابه قيء أو رعاف [وهو خروج الدم من الأنف] أو قلس [القلس بفتح اللام ما يخرج من الحلق ملء الفم وليس بقيء] أو مذي فلينصرف فليتوضأ" وذهب مالك والشافعي إلى أنه غير ناقض، وردوا الحديث السابق بأنه ضعيف، ولم يثبت عند أحد من أئمة الحديث المعتبرين.
٦ - أكل لحوم الإبل: وقد ذهب أحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه وابن خزيمة وغيرهم إلى انتقاض الوضوء به، واستدلوا بما رواه أحمد ومسلم عن جابر بن سمرة "أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال إن شئت توضأ، وإن شئت فلا تتوضأ. قال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم. توضأ من لحوم الإبل" وذهب الخلفاء الأربعة ومالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم إلى أنه لا ينقض الوضوء، واحتجوا بما عند الأربعة وابن حبان من حديث جابر "إنه كان آخر الأمرين منه صلى الله عليه وسلم عدم الوضوء مما مست النار".
-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-
١ - أن الوضوء لا يجب لكل صلاة، لأنه جعل نفي القبول ممتدا إلى غاية هي الوضوء وما بعد الغاية مخالف لما قبلها، فيقتضي ذلك قبول الصلاة بعد الوضوء مطلقا حتى الحدث، وتدخل تحته الصلاة الثانية قبل الوضوء لها ثانية. قاله ابن دقيق العيد.
٢ - واستدل به على بطلان الصلاة بالحدث سواء كان خروجه اختياريا أو اضطراريا لعدم التفرقة في الحديث بين حدث وحدث، وأن الصلوات كلها مفتقرة إلى الطهارة.