١ - روايات الإمام مسلم في غسل الكفين نصها في الرواية الأولى "فغسل كفيه ثلاث مرات" وفي الثانية "فأفرغ على كفيه ثلاث مرار، فغسلهما"
قال النووي: هذا دليل على أن غسل اليدين في أول الوضوء سنة، وهو كذلك باتفاق العلماء. اهـ. ثم قال: وفيه استحباب تقديم غسل الكفين قبل غمسهما في الإناء. اهـ. والتحقيق أن الكلام في نقطتين مختلفتين.
النقطة الأولى: غسل اليدين في أول الوضوء، وهو سنة ثابتة، لا منازعة في سنيته، قال الحافظ ابن حجر: هو سنة في حق المستيقظ الذي لا يشك في نجاسة يده: ولا يكره ترك غسلها لعدم ورود النهي فيه. اهـ.
والنقطة الثانية: غسل اليدين لمن قام من النوم أو شك في نجاستهما، وقد ورد الأمر بغسلهما في هذه الحالة قبل غمسهما في الإناء، وورد النهي عن غمسهما، ففي البخاري ومسلم "إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده" وفي رواية "إذا قام أحدكم من الليل" وفي أخرى لأبي داود "إذا قام أحدكم إلى الوضوء حين يصبح" وعند أحمد "فلا يضع يده في الوضوء حتى يغسلها" ولمسلم "فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها".
ومذهب الجمهور من الفقهاء والمحققين أن غسل اليدين قبل غمسهما لمن قام من النوم أو شك في نجاستهما مندوب ويكره تركه، وذهب أحمد إلى وجوب الغسل عند القيام من نوم الليل دون نوم النهار، وفي رواية عنه أن ترك الغسل بعد القيام من نوم الليل مكروه كراهة تحريم، وتركه بعد القيام من نوم النهار مكروه كراهة تنزيه، والجمهور من المتقدمين والمتأخرين على أن الماء لا ينجس إذا غمس يده فيه قبل غسلهما، لأن الأصل في اليد والماء الطهارة، فلا ينجس بالشك، وحكي عن الحسن البصري وإسحق بن راهويه ومحمد بن جرير الطبري أنه ينجس بالغمس بعد القيام من نوم الليل، لكنه خلاف قواعد الشريعة المتظاهرة.
هذا وقد اختلف في الكيفية المستحبة لغسل الكفين، هل يغسلهما مجتمعتين؟ أو يغسل اليمنى، ثم يدخلها فيخرج ما يغسل به الأخرى؟ والظاهر الأول حيث أمكن.
كما اختلف في كون هذا الغسل المستحب للنظافة أو للتعبد، فمن قال للنظافة استدل بقوله صلى الله عليه وسلم "فإنه لا يدري أين باتت يده" وعليه لا يستحب غسلهما لمن أحدث في أثناء وضوئه، أو تأكد من نظافتهما ونقاوتهما، ومن قال للتعبد استدل بطلب الغسل ثلاثا، إذا لو كان للنظافة لكفت واحدة أو طلب النقاوة دون تحديد بعدد، وعليه يستحب إعادة غسلهما لمن أحدث أثناء