كان بعد غسل الوجه فهذا وقت غسل اليد، وفيه خلاف، وإن قصد بوضع اليد في الإناء أخذ الماء لم يصر مستعملا. اهـ.
٣ - وأما الروايات في المضمضة والاستنشاق والاستنثار، ففي الرواية الأولى "ثم مضمض واستنثر" وفي رواية "ثم أدخل يمينه في الإناء، فمضمض واستنثر ثم أدخل يده فاستخرجها، فمضمض واستنشق من كف واحدة، فعل ذلك ثلاثا وفي رواية "فمضمض واستنشق واستنثر من ثلاث غرفات" وفي رواية "فمضمض ثم استنثر" وفي رواية، إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء، ثم لينتثر" وفي رواية "إذا توضأ أحدكم فليستنشق بمنخريه من الماء، ثم لينتثر" وفي رواية "من توضأ فليستنثر" وفي رواية "إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات، فإن الشيطان يبيت على خياشيمه".
قال النووي: كمال المضمضة أن يجعل الماء في فمه، ثم يديره فيه، ثم يمجه، وأما أقلها أن يجعل الماء في فمه، ولا يشترط إدارته على المشهور الذي قاله الجمهور، وأما الاستنشاق فهو إيصال الماء إلى داخل الأنف، وجذبه بالنفس إلى أقصاه، ويستحب المبالغة في المضمضة والاستنشاق إلا أن يكون صائما، قال أصحابنا: وعلى أي صفة وصل الماء إلى الفم والأنف حصلت المضمضة والاستنشاق، وفي الأفضل خمسة أوجه:
الأول: يتمضمض ويستنشق بثلاث غرفات، يتمضمض من كل واحدة ثم يستنشق منها.
الثاني: يجمع بينهما بغرفة واحدة، يتمضمض منها ثلاثا، ثم يستنشق منها ثلاثا.
الثالث: يجمع أيضا بغرفة، ولكن يتمضمض منها ثم يستنشق، ثم يتمضمض منها، ثم يستنشق، ثم يتمضمض منها، ثم يستنشق.
الرابع: يفصل بينهما بغرفتين، فيتمضمض من إحداهما ثلاثا، ثم يستنشق من الأخرى ثلاثا.
الخامس: يفصل بست غرفات، يتمضمض بثلاث غرفات، ثم يستنشق بثلاث غرفات.
والصحيح الوجه الأول، وبه جاءت الأحاديث الصحيحة في البخاري ومسلم وغيرهما.
(ولا يخفى أن جميع الروايات تتفق مع هذا الوجه) ثم قالوا: واتفقوا على أن المضمضة على كل قول مقدمة على الاستنشاق. وهل هو تقديم استحباب أم اشتراط؟ وجهان.
ثم قال: واختلفوا في وجوب المضمضة والاستنشاق على أربعة مذاهب:
أحدها: مذهب مالك والشافعي وأصحابهما أنهما سنتان في الوضوء والغسل، وهو رواية عن عطاء وأحمد.
والمذهب الثاني: أنهما واجبتان في الوضوء والغسل، لايصحان إلا بهما، وهو المشهور عن أحمد بن حنبل لورود الأمر بهما، وظاهر الأمر أنه للوجوب، ولم يحك أحد ممن وصف وضوءه صلى الله عليه وسلم على الاستقصاء أنه ترك الاستنشاق بل ولا المضمضة.