للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمذهب الثالث: أنهما واجبتان في الغسل دون الوضوء، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه.

والمذهب الرابع: أن الاستنشاق واجب في الوضوء والغسل، والمضمضة سنة فيهما، وهو مذهب داود الظاهري ورواية عن أحمد. اهـ.

ومن قال بأنهما سنة حمل الأمر على الندب، بدليل أن الاستنثار مأمور به وهو ليس بواجب باتفاق، وأما مداومته صلى الله عليه وسلم فكثيرا ما تكون في السنة، فلم يؤثر أنه صلى الله عليه وسلم ترك التسمية، ومع ذلك هي سنة عند القائل بوجوب المضمضة.

وقال الأبي: المضمضة تحريك الماء في الفم بالأصابع أو بقوة الفم زاد بعضهم: "ثم يمجه" فأدخل في حقيقتها "المج" فعلى هذه الزيادة لو ابتلعه لم يكن مؤديا للسنة، إلا أن يقال: إنما زاده من حيث العادة لا أن أداء السنة يتوقف عليه، وإذا كان بالأصبع استحب أن يكون باليمين، لأن الشمال مست الأذى، وإذا كان في الفم درهم أداره ليصل الماء محله. ثم قال: والاستنثار أن يدفع الماء من أنفه بنفسه، مع وضع اليد على الأنف، وكرهه في العتبية دون وضع يده لأنه يشبه فعل الدابة ويخشى تناثر ما يخرج على الآخرين أو الأماكن النظيفة، وإذا استنثر بيده فالمستحب أن يكون باليسرى. ثم قال في موضع آخر: قيل: الحكمة في تقديم المضمضة والاستنشاق اختبار طعم الماء بالذوق والرائحة، وأما اللون فمشاهد. اهـ.

أما ما جاء في الرواية ٢٢٣ في تعليل الأمر بالاستنثار من أن الشيطان يبيت على الخياشيم فقد قال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن يكون المراد مبيته قريبا من المكان الذي يوسوس فيه، وهو القلب، فيكون مبيته على الأنف ليتوصل منه إلى القلب إذا استيقظ، فمن استنثر منعه من التوصل إلى ما يقصد من الوسوسة اهـ.

والأولى حمل الكلام على الاستعارة للتنفير من عدم الاستنثار. والله أعلم.

٤ - وأما غسل الوجه فواجب في الوضوء بالكتاب والسنن المتظاهرة والإجماع، والخلاف بين العلماء في حده الواجب غسله، فالجمهور على أنه ما بين منابت شعر الرأس إلى الذقن، ومنتهى اللحيين طولا، ومن الأذن إلى الأذن عرضا، والاعتبار بالمنابت المعتادة، لا بمن يصلع الشعر عن ناصيته، ولا بمن نزل الشعر إلى جبهته. ولا يدخل وتدا الأذن في الوجه، أما البياض الذي بين الأذن والعذار فهو من الوجه عند الشافعية، وهو محكى عن أبي حنيفة ومحمد وأحمد وداود، وعن مالك أنه ليس من الوجه، وعن أبي يوسف يجب على الأمرد غسله دون الملتحي، واللحية الكثيفة -أي التي تستر البشرة بحيث لا ترى البشرة عند المواجهة- يجب غسل ظاهرها بلا خلاف، ولا يجب غسل باطنها، ولا البشرة تحتها في المذهب الصحيح المشهور. وهو مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد، وذهب المزني إلى وجوب غسل البشرة في الوضوء قياسا على غسل الجنابة، وعلى الشارب والحاجب، وأجاب الجمهور بأن غسل الجنابة أغلظ. ولهذا وجب غسل

<<  <  ج: ص:  >  >>