للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦ - وأما مسح الرأس فعنه تقول الرواية الأولى "ثم مسح رأسه" وتقول الرواية ٤٠١ "ثم مسح برأسه" والرواية ٤١٦ "ثم أدخل يده فاستخرجها، فمسح برأسه فأقبل بيديه وأدبر". والرواية ٤١٧ "فأقبل بيديه وأدبر، بدأ بمقدم رأسه، ثم ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما، حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه". والرواية ٤١٨ "فمسح برأسه فأقبل به وأدبر مرة واحدة". والرواية ٤١٩ "ومسح برأسه بماء غير فضل يده".

وقد اختلف العلماء في القدر الواجب مسحه من الرأس عند الوضوء، بعد أن أجمعوا على وجوب المسح، فجاحد أصل المسح كافر، لأنه إنكار لقطعي، وجاحد المقدار لا يكفر لأن النص في حق المقدار ظني.

قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} [المائدة: ٦].

وسر اختلافهم في المقدار هو الباء في قوله تعالى "برءوسكم" فمن رأى أنها للتبعيض اكتفى بمسح بعض الرأس، وممن أثبت أن الباء تأتي للتبعيض: الأصمعي والفارسي وابن مالك، قيل: والكوفيون، وجعلوا منه قوله تعالى {عينا يشرب بها عباد الله} [الإنسان: ٦].

ومن جعل الباء للتعدية يجوز حذفها وإثباتها كقولك: مسحت رأس اليتيم، ومسحت برأسه، أو جعلها زائدة أوجب مسح الرأس كله، مع استناد كل فريق إلى الأحاديث.

فالإمام مالك وأحمد وجماعة على وجوب استيعاب الرأس بالمسح، ويؤيدهم ظاهر الرواية الأولى "ثم مسح رأسه" ورواية "فأقبل بيديه وأدبر" ورواية "بدأ بمقدم رأسه، ثم ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما، حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه".

قال ابن القيم: إنه لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه ألبتة. اهـ.

وسئل مالك عن الرجل يمسح مقدم رأسه في وضوئه، أيجزئه ذلك؟ فقال: حدثني عمرو بن يحيى عن أبيه عن عبد الله بن زيد قال: مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم في وضوئه من ناصيته إلى قفاه، ثم رد يديه إلى ناصيته، فمسح رأسه كله.

كما استدل أصحاب هذا الرأي بأن الكل متفق على تعميم غير الرأس من أعضاء الوضوء، فلتعمم الرأس أسوة ببقية الأعضاء.

والحنفية والشافعية على أن الواجب مسح بعض الرأس، لكن أراد الحنفية بالبعض ربع الرأس، وأراد الشافعية بالبعض ما يطلق عليه الاسم، ولو شعرة واحدة.

ويستدل هذا الفريق بما رواه أبو داود من حديث أنس بلفظ "إنه صلى الله عليه وسلم أدخل يده من تحت العمامة، فمسح مقدم رأسه، ولم ينقض العمامة" وبما عند مسلم وأبي داود والترمذي من حديث المغيرة بلفظ "إنه صلى الله عليه وسلم توضأ، فمسح

<<  <  ج: ص:  >  >>