ما بعد حتى، وحينئذ يكون الحديث مفيدا أن القتال موجود مع الإتيان بالشهادتين وما بعدهما، مع أنه ليس كذلك، فالجواب أن محل ذلك إذا كان ما قبلها وما بعدها متجانسين، ولم تقم قرينة تقتضي عدم دخول ما بعدها، وهنا قامت القرينة بقوله صلى الله عليه وسلم "فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه".
وذكر شهادة أن لا إله إلا الله يراد معه وأن محمدا رسول الله، لأنهما لتلازمهما وعدم قبول إحداهما بدون الأخرى اشتهر اختصار الرواة والاكتفاء بذكر الأولى، وقد جاء التصريح بالشهادة الثانية في الرواية الرابعة.
(ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة) جاءت هذه الزيادة في الرواية الرابعة.
(ويؤمنوا بما جئت به) وهذا التعميم جاء في الرواية الثانية.
(فمن قال لا إله إلا الله) وفي الرواية الثالثة "فإذا قالوا لا إله إلا الله" وفي الرواية الرابعة "فإذا فعلوا" وفي الرواية الثانية " فإذا فعلوا ذلك" فالإشارة إلى الشهادتين والإيمان بما جاء به صلى الله عليه وسلم. ومعنى "فعلوا ذلك" أتوا به، فيعم القول فقط وهو الشهادتان والمركب من القول والفعل وهو الصلاة، والفعل المحض وهو الزكاة.
(عصم مني ماله ونفسه) وفي الرواية الثانية والثالثة والرابعة "عصموا مني دماءهم وأموالهم". وفي الرواية الخامسة "حرم ماله ودمه".
ومعنى العصم في اللغة المنع، والمراد حقنوا دماءهم وحفظوا أموالهم.
(إلا بحقه) أي بحق الإسلام، وفي الرواية الثانية والثالثة والرابعة "إلا بحقها" أي بحق الدماء والأموال في الإسلام. والاستثناء مفرغ، لتضمن العصمة معنى النفي والمستثنى منه عموم الأسباب، أي لا تهدر دماؤهم ولا تستباح أموالهم بسبب من الأسباب إلا بسبب حق الإسلام. أو إلا بسبب حقها في الإسلام من قتل النفس المحرمة، أو زنى المحصن، أو ترك الصلاة أو منع الزكاة.
(وحسابه على الله) وفي الرواية الثانية والثالثة والرابعة "وحسابهم على الله" أي فيما يستسرون به ويخفونه، دون ما يخلون في الظاهر من الأحكام الواجبة، و"على" بمعنى اللام، أو بمعنى إلى، فما أفهمته من الوجوب غير مراد لأن الله عز وجل لا يجب عليه شيء.
ثم قرأ: {إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر} أي قرأ صلى الله عليه وسلم الآية استشهادا على أنه منذر مأمور بالعمل بالظاهر، وليس مالكا مسيطرا على دواخلهم حتى يحاسبهم على سرائرهم.
(لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة) بتخفيف راء "فرق" وتشديدها، والمعنى لأقاتلن من أطاع بالصلاة، وجحد الزكاة أو منعها.