للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ووقت الختان مختلف فيه كذلك. قال الماوردي: له وقتان: وقت وجوب، ووقت استحباب. فوقت الوجوب البلوغ، ووقت الاستحباب قبله، والاختيار في اليوم السابع من بعد الولادة، وقيل الاختيار من بعد يوم الولادة، فإن أخر ففي الأربعين يوما فإن أخر ففي السنة السابعة، فإن بلغ وكان نضوا نحيفا، يعلم من حاله أنه إذا اختتن تلف سقط الوجوب، ويستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب إلا لعذر.

وذكر القاضي حسين: أنه لا يجوز أن يختتن الصبي حتى يصير ابن عشر سنين لأنه حينئذ يوم ضربه على ترك الصلاة، وألم الختان فوق ألم الضرب فيكون أولى بالتأخير، وزيفه النووي، وقال: إنه كالمخالف للإجماع.

وقال إمام الحرمين: لا يجب قبل البلوغ، لأن الصبي ليس من أهل العبادة المتعلقة بالبدن، فكيف مع الألم؟ وقال أبو الفرج السرخسي: في ختان الصبي وهو صغير مصلحة من جهة أن الجلد بعد التمييز يغلظ ويخشن، فمن ثم جوز الأئمة الختان قبل ذلك.

ونقل ابن المنذر عن الحسن ومالك كراهة الختان يوم السابع لأنه فعل اليهود.

وقال مالك: يحسن إذا أثغر، أي ألقى ثغره وهو مقدم أسنانه، وذلك في السبع سنين وما حولها.

وقال الليث: يستحب ما بين سبع سنين إلى عشر سنين.

وعن أحمد: لم أسمع فيه شيئا.

وقد ذكر الحافظ ابن حجر في أبواب الوليمة من كتاب النكاح في كتابه "فتح الباري" مشروعية الدعوة في الختان، وذكر عن عثمان بن أبي العاص أنه دعى إلى ختان فقال: ما كنا نأتي الختان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ندعي له.

وذكر الشيخ أبو عبد الله بن الحاج في المدخل. أن السنة إظهار ختان الأنثى، والله أعلم. من فتح الباري بتصرف.

ثانيا: الاستحداد، وهو "حلق العانة" الوارد في الرواية الثالثة والثامنة وهو سنة باتفاق ولم يشذ عن القول بسنته سوى القاضي أبي بكر بن العربي الذي أغرب فقال: عندي أن الخصال الخمس المذكورة في هذا الحديث كلها واجبة، فإن المرء لو تركها لم تبق صورته على صورة الآدميين، فكيف من جملة المسلمين؟ كذا قال في شرح الموطأ عن الرواية الأولى من رواياتنا.

وتعقبه أبو شامة بأن الأشياء التي مقصودها مطلوب لتحسين الخلق، وهي النظافة لا تحتاج إلى ورود أمر إيجاب للشارع فيها اكتفاء بدواعي الأنس فمجرد الندب إليها كاف. اهـ.

وقد عبرت الروايات عن إزالة شعر العانة بالاستحداد أي إزالته بالحديدة وهي الموسى أو بالحلق، كما عبرت عن إزالة شعر الإبط بالنتف.

قال العلماء: وذكر الحلق في العانة لكونه هو الأغلب، وإلا فيجوز الإزالة بالنورة (وهي نوع من الحجر يدق ويطلى به المكان) والنتف وغيرهما، قال أبو شامة: ويقوم التنور مكان الحلق، وكذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>