للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أصحابه جريدة خضراء لينة، بما عليها من خوص أخضر، فشقها نصفين، ووضع على كل قبر من القبرين نصفا، وقال: لعل الله يخفف عن المعذبين هذين بسبب تسبيح الجريدة الخضراء مادامت رطبة، إلى أن تيبس وتجف. صلى الله عليه وسلم.

-[المباحث العربية]-

(أما إنهما ليعذبان) في الكلام مضاف محذوف، أي إن صاحبيهما ليعذبان، وقيل: إن الضمير للقبرين، من قبيل إطلاق المحل وإرادة الحال فيه و"أما" حرف استفتاح مثل "ألا".

(وما يعذبان في كبير) "ما" نافية، والمعنى: وليسا يعذبان في أمر كبير شاق، بل في أمر سهل الترك يسير.

(أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة) "أما" حرف شرط وتفصيل، قامت مقام مهما يكن من شيء، والفاء لازمة في تلو تاليها، و"النميمة" نقل كلام الغير بقصد الإضرار.

(وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله) وفي الرواية الملحقة "لا يستنزه من البول" وفي رواية البخاري "لا يستبرئ من البول" قال النووي: وكلها صحيحة، ومعناها لا يتجنبه، ولا يتحرز منه. اهـ.

فمعنى "لا يستتر من بوله" لا يجعل بينه وبينه سترة، يعني لا يتحفظ منه وحمله بعضهم على ظاهره، فقال: معناه لا يستر عورته، وهو مردود لأن التعذيب لو وقع على كشف العورة لاستقل الكشف بالسببية، فيترتب العذاب عليه، سواء وجد البول أم لا، وسياق الحديث يدل على أن للبول بالنسبة إلى عذاب القبر خصوصية، فلو حمل على مجرد كشف العورة زال هذا المعنى، فتعين الحمل على المعنى الأول لتجتمع ألفاظ الحديث على معنى واحد، لأن مخرجه واحد.

(فدعا بعسيب رطب) "العسيب" بفتح العين وكسر السين: الجريد والغصن من النخل، قاله النووي. وقال الحافظ ابن حجر: العسيب هي الجريدة التي لم ينبت فيها الخوص، فإن نبت فهي السعفة، وخص الجريد بذلك لأنه بطيء الجفاف. اهـ.

(فشقه باثنين) قال النووي: الباء زائدة، و"اثنين" منصوب على الحال.

(ثم غرس على هذا واحدا وعلى هذا واحدا) المراد بالواحد النصف. وفي رواية للبخاري "فغرز" وفي أخرى له أيضا "فوضع".

(لعله أن يخفف عنهما) شبه "لعل" بعسى، فأتى بأن في خبرها. ذكره الكرماني. قال ابن مالك: يجوز أن تكون الهاء ضمير الشأن، وجاز تفسيره بأن وصلتها لأنها في حكم جملة، لاشتمالها على مسند ومسند إليه، قال: ويحتمل أن تكون "أن" زائدة مع كونها ناصبة، كزيادة الباء مع كونها جارة. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>