و"لعل" للترجي، وقيل: للتعليل بناء على أنه أوحى إليه صلى الله عليه وسلم أن ذلك يخفف عنهما.
(ما لم ييبسا)"ما" مصدرية زمانية، أي مدة عدم اليبس.
-[فقه الحديث]-
في الحديث وجوب التنزه من البول، وعقوبة مخالفة: أما عدم التنزه من البول فإن الحديث صريح في أنه من أسباب عذاب القبر، ويرى العلماء أنه من الكبائر، ويؤولون قوله صلى الله عليه وسلم "وما يعذبان في كبير" فيقول النووي: وقد ذكر العلماء فيه تأويلين. أحدهما: أنه ليس بكبير في زعمهما وإن كان كبيرا في حقيقته. والثاني: أنه ليس بكبير تركه عليهما، وحكى القاضي عياض تأويلا ثالثا. فقال: ليس بأكبر الكبائر. اهـ.
ويؤيد أنه من الكبائر رواية البخاري "وما يعذبان في كبير، وإنه لكبير" ورواية البخاري في باب الوضوء "وما يعذبان في كبير، بل إنه كبير" قال النووي: فثبت بهاتين الزيادتين الصحيحتين أنه كبير. ثم قال: وسبب كونه كبيرا أن عدم التنزه من البول يلزم منه بطلان الصلاة، فتركه كبيرة بلا شك. اهـ.
ولما كانت رواية مسلم "لا يستتر من بوله" ظنه بعضهم من كشف العورة وحمله على ذلك، ولم يضع في حسابه الروايات الأخرى للحديث "لا يستنزه". "لا يستبرئ". "لا يتوقى" وقد هاجمه ابن دقيق العيد. فقال: لو حمل "الاستتار" على حقيقته للزم أن مجرد كشف العورة كان سبب العذاب المذكور، وسياق الحديث يدل على أن للبول بالنسبة إلى عذاب القبر خصوصية. قال الحافظ ابن حجر: يشير إلى ما صححه ابن خزيمة من حديث أبي هريرة مرفوعا "أكثر عذاب القبر من البول" أي بسبب ترك التحرز منه، ويؤيده أن لفظ "من" في هذا الحديث لما أضيف إلى البول اقتضى نسبة الاستتار -الذي عدمه سبب العذاب- إلى البول، بمعنى أن ابتداء سبب العذاب من البول، فلو حمل على مجرد كشف العورة زال هذا المعنى، فتعين على المجاز، لتجتمع ألفاظ الحديث على معنى واحد، لأن مخرجه واحد، ويؤيده أنه في حديث أبي بكرة عند أحمد وابن ماجه "أما أحدهما فيعذب في البول" ومثله للطبراني عن أنس. اهـ. والله أعلم.
-[ويؤخذ من الحديث]-
١ - الإيمان بعذاب القبر، كما هو مذهب أهل السنة خلافا للمعتزلة.
٢ - ونجاسة الأبوال مطلقا، قليلها وكثيرها، وهو مذهب عامة الفقهاء وذهب أبو حنيفة إلى العفو عن قدر الدرهم الكبير، اعتبارا للمشقة. وفي الجواهر للمالكية: أن البول والعذرة من بني آدم الآكلين نجسان. وهما طاهران من كل حيوان مباح الأكل، ومكروهان من المكروه أكله.