لكن الرسول صلى الله عليه وسلم مع هذه الحالة رجا له إن قال: لا إله إلا الله، وأيقن بنبوته، أن يشفع له بذلك، ويحاج له عند الله تعالى في أن يتجاوز عنه، ويقبل منه إيمانه في تلك الحالة، ويكون ذلك خاصا بأبي طالب وحده لمكانته من حمايته للرسول صلى الله عليه وسلم ومدافعته عنه.
قال القاضي عياض: وليس هذا بصحيح، فإن محاورته للرسول صلى الله عليه وسلم ولمشركي قريش في تلك اللحظة دليل على أنه كان قبل النزع وقبل معاينة أمور الآخرة. اهـ.
والجواب الصحيح أن المراد من المحاجة الشهادة جمعا بين النصوص والروايات، وهذه الشهادة عامة في أمة الإجابة، مصداقا لقوله تعالى: {لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} [البقرة: ١٤٣].
والظاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم بنى استغفاره لأبي طالب بعد أن امتنع عن الإقرار بالتوحيد ومات على ذلك، بناه على اجتهاد منه صلى الله عليه وسلم مقتديا بإبراهيم عليه السلام في استغفاره لأبيه.
وأن الآية الكريمة إنما نزلت على سبيل النسخ لا للتبيين، لأنه صلى الله عليه وسلم في اجتهاده معصوم على الأصح.
وقد حمل ابن المنير استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي طالب وقوله له: "والله لأستغفرن لك" حمله على طلب تخفيف العذاب، لا على طلب المغفرة العامة، والمسامحة بذنب الشرك.
وهاجمه الحافظ ابن حجر بشدة، وقال: هذه غفلة شديدة من ابن المنير، لأن الشفاعة لأبي طالب في تخفيف العذاب لم ترد، وطلبها لم ينه عنه، وإنما وقع النهي عن طلب المغفرة العامة.
وقال: وإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك الشفاعة، وطلب التخفيف، بل شفع له حتى خفف عنه العذاب بالنسبة لغيره من المشركين.
-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-
١ - صحة إسلام من حضره الموت ما لم يشرع في النزع.
٢ - نسخ جواز الاستغفار للمشركين.
٣ - من مات على الشرك فهو من أصحاب الجحيم.
٤ - جواز الحلف من غير استحلاف.
والله أعلم