وتجعل أبواب الجنة مفتوحة أمام عامة المؤمنين، وأبواب النار محجوبة عمن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
يقول جل شأنه: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} [الزمر: ٥٣].
ويقول سبحانه وتعالى في الحديث القدسي "عبدي، لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة".
ويقول صلى الله عليه وسلم: "يا معاذ بشر الناس أنه من قال لا إله إلا الله دخل الجنة" وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أتاني آت من ربي، فأخبرني - أو قال بشرني- أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، فقلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق، رغم أنف أبي ذر".
كما جاءت الشريعة الإسلامية بطرف من النصوص التي تجمع بين الخوف والرجاء يقول سبحانه وتعالى في صفة المؤمن الحق: {يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه} [الزمر: ٩].
ويقول سبحانه: {غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير} [غافر: ٣].
وبهذا يرسم الإسلام الطريق الصحيح، خوف يجعل السابقين لا يأمنون العاقبة، ويدفع عمر بن الخطاب (وهو المبشر بالجنة وقصورها وحورها) إلى أن يقول: لئن نادى مناد أن كل الناس يدخلون الجنة إلا واحدا لخشيت أن أكون ذلك الواحد، ويدفع أبا بكر (حبيب حبيب الله) إلى أن يقول: لا آمن مكر الله ولو كانت إحدى قدمي في الجنة.
ورجاء يجعل العاصي الذي لم يعمل خيرا قط من أهل الجنة لمجرد أنه خرج من بلد المعصية قاصدا بلد الطاعة، فمات في وسط الطريق، فكان أقرب إلى بلد الطاعة منه إلى بلد المعصية بشبر واحد، نعم الطريق الصحيح خوف ورجاء وعمل وأمل.
فمن اقتصر على الخوف وأنكر الرجاء كان قانطا من رحمة الله، يائسا من روح الله و {إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون} [يوسف: ٨٧].
ومن اقتصر على الرجاء، وطرح الخوف من الله وحسابه كان جاهلا مغترا، مستهترا بوعيد الله.
وما أحسن جواب وهب بن منبه حين قيل له: أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله؟ قال بلى. ولكن ليس مفتاح إلا له أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك، وإلا لم يفتح لك، وما أسنان المفتاح إلا العمل مع الإيمان.
جعلنا الله من المؤمنين العاملين الراجين الخائفين، إنه سميع قريب مجيب الدعاء رب العالمين.