للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنه الذي نؤمن بأنه الحق) يقولون: إن العاصي الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله مستيقنا بها قلبه هو مؤمن وإن ارتكب الكبائر، ومصيره الجنة وإن لم يغفر له، وأنه وإن عذب بالنار لمعاصيه، فلا بد من إخراجه منها وإدخاله الجنة بإيمانه، ويقولون: بما أن النصوص تظاهرت، ودلت دلالة قطعية على أن بعض العصاة المؤمنين يعذبون، فإنه ينبغي أن لا تؤخذ أحاديث الباب على ظاهرها، ولا على عمومها، وأنه ينبغي أن تحمل محملا يتفق والنصوص المتظاهرة القطعية.

وللوصول إلى هذه الغاية تعددت توجيهاتهم، فمنهم من قال:

١ - إن هذه الأحاديث كانت قبل نزول الفرائض، وينسب هذا القول إلى ابن المسيب، كما يعزى إلى ابن شهاب قوله: ثم نزلت بعد ذلك فرائض وأمور نرى الأمر قد انتهى، فمن استطاع أن لا يغتر فلا يغتر.

وفي هذا القول نظر، بل قال النووي: إنه ضعيف باطل، لأن راوي أحد هذه الأحاديث أبو هريرة، وهو متأخر الإسلام، أسلم عام خيبر سنة سبع بالاتفاق وكانت أحكام الشريعة مستقرة، وكانت الصلاة وأكثر الواجبات قد تقرر فرضها.

٢ - وقال بعضهم: إن مطلق هذه الأحاديث مقيد بمن عمل عملا صالحا لقوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا} [الكهف: ١٠٧]، {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} [الكهف: ١١٠].

٣ - وقال بعضهم: إن مطلق هذه الأحاديث مقيد بمن شهد تائبا مقبول التوبة ثم مات على ذلك.

٤ - وقيل: إن أحاديث الباب خرجت مخرج الغالب. إذ الغالب أن الموحد يعمل الطاعات ويجتنب المعاصي، فكأنه قال: الغالب والشأن فيمن قال: لا إله إلا الله مخلصا أن يدخل الجنة وتحرم عليه النار.

٥ - وأظهر الأقوال وأحراها بالقبول أن المراد من دخول الجنة في الأحاديث أنه المآل عاجلا أو آجلا، من غير دخول النار للبعض، وبعد دخول النار للبعض الآخر، من غير دخول النار لمن مات تائبا، أو سليما من المعاصي، أو شمله عفو الله ورحمته، وبعد دخول النار لمن أخذ بذنبه.

والمراد من تحريم النار الوارد في الأحاديث بالنسبة إلى البعض المؤاخذ بذنبه تحريم خلوده فيها، لا أصل دخولها.

أو المراد بالنار المحرمة النار المعهودة المعدة للكافرين، لا الطبقة التي أفردت لعصاة المؤمنين.

أو المراد تحريم النار على بعضه لأن النار لا تأكل مواضع السجود من المسلم، وكذا لسانه الناطق بالتوحيد - كذا قيل-.

والاقتصار في بعض الأحاديث على شهادة أن لا إله إلا الله يحتمل أنه من تقصير

<<  <  ج: ص:  >  >>