(عن معاذة أن امرأة سألت عائشة) أبهمت السائلة في هذه الرواية، وصرح بها في الرواية الثانية والثالثة وهي معاذة نفسها.
(أتقضي إحدانا الصلاة أيام حيضها؟ ) الظرف "أيام حيضها" لا يصح تعليقه بالفعل "تقضي" لأن القضاء لا يقع في أيام الحيض، وإنما هو متعلق بمحذوف حال من الصلاة، والمعنى: أتقضي إحدانا الصلاة الواجبة أيام الحيض؟
(أحرورية أنت) خبر ومبتدأ، والحرورية المنسوبة إلى حروراء، قرية بقرب الكوفة، وكان أول اجتماع الخوارج فيها، قال العيني: وكبار فرق الحرورية ستة: الأزارقة والصفرية والنجدات، والعجاردة، والإباضية، والثعالبة. والباقون فروع، وهم الذين خرجوا على علي رضي الله عنه، يجمعهم القول بالتبري من عثمان وعلي -رضي الله عنهما- ويقدمون ذلك على كل طاعة، ولا يصححون المناكحات إلا على ذلك، وكان خروجهم على عهد علي رضي الله عنه لما حكم أبا موسى الأشعري وعمرو بن العاص، وأنكروا على علي في ذلك، وقالوا: شككت في أمر الله، وحكمت عدوك، وطالت خصومتهم، ثم أصبحوا يوما وقد خرجوا، وهم ثمانية آلاف، وأميرهم ابن الكوا عبد الله، فبعث إليهم علي رضي الله عنه عبد الله بن عباس، فناظرهم، فرجع منهم ألفان، وبقيت ستة آلاف، فخرج إليهم علي، فقاتلهم، وكانوا يشددون في الدين، ومنه قضاء الصلاة على الحائض. اهـ.
وتقديم الخبر يفيد الحصر، أي: ألست إلا حرورية؟ والاستفهام إنكاري، أي لا ينبغي أن تكوني كذلك.
(كانت إحدانا تحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي فيما يعهده رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعرفه، والغرض بيان أنه صلى الله عليه وسلم كان مطلعا على حالهن من الحيض وتركهن الصلاة في أيامه.
(ثم لا تؤمر بقضاء) في الكلام حذف، أي تحيض وتترك الصلاة أيام الحيض، ثم لا تؤمر بقضائها بعد الطهر، والمراد من عدم الأمر عدم الوجوب، لأن الواجب مأمور به.
(قد كن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضن)"نساء" بالرفع اسم كان، ونون النسوة في "كن" حرف على قول، فإن كانت اسم "كان" أعرب "نساء" بدلا منها، وهي على نمط "أكلوني البرغيث".
(أفأمرهن أن يجزين؟ ) بفتح الياء وسكون الجيم وكسر الزاي، وفسره الراوي بقوله: يعني يقضين. قال النووي: وهو تفسير صحيح، يقال: جزى يجزي، أي قضى، وبه فسروا قوله تعالى:{لا تجزي نفس عن نفس شيئا}[البقرة: ٤٨]، ويقال: هذا الشيء يجزي عن كذا، أي يقوم مقامه. قال القاضي عياض: وقد حكى بعضهم فيه الهمز. اهـ. والاستفهام إنكاري، أي فلم يأمرهن بالقضاء.