(ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة) في القاموس: البال الحال والخاطر والقلب. اهـ. أي ما الحال والشأن في قضاء الصوم وعدم قضاء الصلاة؟ والاستفهام حقيقي، فهي تسأل عن العلة في هذه التفرقة.
(لست بحرورية ولكني أسأل) الباء زائدة في خبر "ليس" أي لست أوجب قضاء الصلاة كالحروريين، ولكني أسألك عن الحكم سؤالا مجردا لطلب العلم، لا للتعنت.
(كان يصيبنا ذلك) الإشارة للحيض، والكاف مكسورة لخطاب المؤنثة، أي كان يصيبنا الحيض، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة.
-[فقه الحديث]-
قبل الكلام على موضوع قضاء الحائض والصلاة والصوم نقول: إنه يحرم على الحائض والنفساء الطواف، وقد أجمع العلماء على أنه لا يصح منهما طواف مفروض ولا تطوع، وأجمعوا على أنهما لا تمنعان من شيء من مناسك الحج إلا الطواف وركعتيه. نقل الإجماع في هذا كله ابن جرير وغيره.
وذهب الشافعية إلى أنه يحرم عليهما كذلك قراءة القرآن، ومس المصحف وحمله والمكث في المسجد، ويحرم الاستمتاع بهما فيما بين السرة والركبة كما سبق.
أما الصلاة فقد أجمعت الأمة على أنه يحرم على الحائض الصلاة، فرضها ونفلها، وقال النووي: مذهبنا ومذهب جمهور العلماء والخلف أنه ليس على الحائض وضوء ولا تسبيح ولا ذكر في أوقات الصلاة ولا في غيرها، وممن قال بهذا الأوزاعي ومالك والثوري وأبو حنيفة وأصحابه وعن الحسن البصري قال: تطهر وتسبح، وعن أبي جعفر قال: نأمر نساء الحيض أن يتوضأن في وقت الصلاة، ويجلسن ويذكرن الله عز وجل، ويسبحن. اهـ. وقال العيني: وفي منية المفتي للحنفية: يستحب لها عند وقت كل صلاة أن تتوضأ، وتجلس في مسجد بيتها، تسبح وتهلل مقدار أداء الصلاة لو كانت طاهرة، حتى لا تبطل عادتها، وفي الدراية: يكتب لها ثواب أحسن صلاة كانت تصلى. اهـ. قال النووي: أما استحباب التسبيح فلا بأس به، وإن كان لا أصل له على هذا الوجه المخصوص، وأما الوضوء فلا يصح عندنا وعند الجمهور، بل تأثم به إن قصدت العبادة. اهـ.
قال الحافظ ابن حجر: وهل تثاب على ترك الصلاة مدة الحيض لكونها مكلفة بهذا الترك؟ كما يثاب المريض على النوافل التي كان يعملها في صحته وشغل بالمرض عنها؟ قال النووي: الظاهر أنها لا تثاب، والفرق بينها وبين المريض أنه كان يعملها بنية الدوام عليها مع أهليته، والحائض ليس كذلك. قال: وعندي في كون هذا الفرق مستلزما لكونها لا تثاب وقفة. اهـ.
والذي تستريح إليه النفس أنها لا تعامل في ذلك معاملة المريض؛ لأن المريض يكافأ على مصابه