وآلامه بثواب ما كان يفعله من النوافل، ولم نقل بثواب ما كان يفعله من الفرائض، ثم إن الثواب تفضل من الله، وقد ورد في شأن المريض، ولم يرد في شأن الحائض، بل ورد ما ينفيه عنها في قوله صلى الله عليه وسلم " .... أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى قال: فذلك من نقصان دينها" إذ لو كانت تثاب على تركها الصلاة ما نقص دينها.
كذلك يحرم على الحائض الصوم. قال ابن جرير في كتابه "اختلاف الفقهاء": أجمعوا على أن عليها اجتناب كل الصلوات، فرضها ونفلها، واجتناب جميع الصيام، فرضه ونفله. اهـ.
قال النووي: ولو أمسكت الحائض عن الطعام والشراب بقصد الصوم أثمت، وإن أمسكت بلا قصد لم تأثم. اهـ.
وقد أجمع المسلمون على أنه لا يجب على الحائض قضاء الصلاة -ولا عبرة بخلاف الخوارج- ويجب عليها قضاء الصوم، قال العلماء: والفرق بينهما أن الصلاة كثيرة متكررة فيشق قضاؤها، بخلاف الصوم، فإنه يجب في السنة مرة واحدة، وربما كان الفطر بسبب الحيض يوما أو يومين.
وقد يتساءل العقل: إذا كان ترك الحائض الصلاة لعدم وجود شرطها وهو الطهارة فلم أمرت بترك الصوم، والطهارة ليست بشرط فيه؟ ولم أعثر فيما قرأت على علة معقولة، والظاهر أن الأمر بترك الصوم في هذه الحالة للتعبد، ولعل هذا من أسباب وجوب قضاء الصوم دون الصلاة.
قال النووي: قال الجمهور: وليست الحائض مخاطبة بالصيام في زمن الحيض، وإنما يجب عليها القضاء بأمر جديد. قال: وذكر بعض أصحابنا وجها: أنها مخاطبة بالصيام في حالة الحيض مأمورة بتأخيره، كما يخاطب المحدث بالصلاة وإن كانت لا تصح منه في زمن الحدث. قال: وهذا الوجه ليس بشيء فكيف يكون الصيام واجبا عليها ومحرما عليها بسبب لا قدرة لها على إزالته؟ بخلاف المحدث، فإنه قادر على إزالة الحدث. اهـ.
-[ويؤخذ من الحديث]-
١ - وجوب قضاء الحائض الصوم.
٢ - أنه لا يجب عليها قضاء الصلاة، ولا يقال: إن كل ما يؤخذ من الحديث عدم الأمر بقضاء الصلاة، وهو لا يدل على عدم وجوب القضاء، لاحتمال الاكتفاء بالدليل العام على وجوب القضاء، قال ابن دقيق العيد: إن اكتفاء عائشة في الاستدلال على إسقاط القضاء بكونها لم تؤمر به يحتمل وجهين: أحدهما أنها أخذت إسقاط القضاء من إسقاط الأداء فيتمسك به حتى يوجد المعارض، وهو الأمر بالقضاء، كما في الصوم، ثانيهما أن الحاجة داعية إلى بيان هذا الحكم لتكرار الحيض منهن، وحيث لم يبين دل على عدم الوجوب، لا سيما وقد اقترن بالأمر بقضاء الصوم. اهـ.
٣ - استدل به على وجوب ترك الحائض الصلاة والصوم أثناء الحيض؛ لأن القضاء وعدم القضاء مترتب على الترك. قال النووي: فإن قيل: ليس في الحديث دليل على تحريم