عليه النظر إلى أي شيء من بدنها، وكذلك يحرم عليها النظر إلى أي شيء من بدنه، سواء كان نظره ونظرها بشهوة أم بغيرها، وقال بعض أصحابنا: لا يحرم نظرها إلى وجه الرجل بغير شهوة.
وكذلك يحرم على الرجل النظر إلى وجه الأمرد إذا كان حسن الصورة سواء كان نظره بشهوة أم لا، وسواء أمن الفتنة أم خافها، هذا هو المذهب الصحيح المختار عند العلماء المحققين، نص عليه الشافعي وحذاق أصحابه -رحمهم الله تعالى- ودليله أنه في معنى المرأة، فإنه يشتهي كما تشتهي، وصورته في الجمال كصورة المرأة، بل ربما كان كثير منهم أحسن صورة من كثير من النساء، بل هم في التحريم أولى لمعنى آخر، وهو أنه يتمكن في حقهم من طرق الشر ما لا يتمكن من مثله في حق المرأة. والله أعلم. قال: وهذا الذي ذكرناه من تحريم النظر هو فيما إذا لم تكن حاجة، أما إذا كانت حاجة شرعية فيجوز النظر كما في حالة البيع والشراء والتطيب والشهادة ونحو ذلك، ولكن يحرم النظر في هذه الحال بشهوة، فإن الحاجة تبيح النظر للحاجة إليه، وأما الشهوة فلا حاجة إليها قال أصحابنا: النظر بالشهوة حرام على كل أحد غير الزوج والسيد، حتى يحرم على الإنسان النظر إلى أمه وبنته بالشهوة. والله أعلم. اهـ.
٢ - ويؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم "ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد" تحريم لمس عورة غيره بأي موضع من بدنه، والنهي نهي تحريم باتفاق، والمقصود من الإفضاء المنهي عنه الإفضاء بدون حائل، ولما كان التجرد مظنة مس أحدهما عورة الآخر ومس العورة حرام كالنظر نهي عن الإفضاء في الثوب الواحد، سدا للذرائع.
٣ - ومن الرواية الأولى والثانية يؤخذ جواز اغتسال الإنسان بحضرة امرأة من محارمه، إذا كان يحول بينها وبينه ساتر من ثوب أو غيره.
٤ - وجواز تستر الرجال بالنساء.
٥ - ومن الرواية التاسعة يؤخذ استحباب الاستتار عند قضاء الحاجة بحائط أو هدف أو شجر أو وهدة أو نحو ذلك، بحيث يغيب جميع شخص الإنسان عن أعين الناظرين.
٦ - ويستفاد من حديث أم هانئ سنة صلاة الضحى، وأنها ثماني ركعات.
٧ - ويؤخذ من قوله في الرواية السادسة "فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء" بعض ما أكرم الله سبحانه وتعالى نبيه ورسوله، وأنه صلى الله عليه وسلم كان مصونا محميا في صغره عن القبائح وأخلاق الجاهلية.
٨ - ومن نفس الرواية ما جبل عليه صلى الله عليه وسلم من الأخلاق الحسنة والحياء الكامل، حتى كان أشد حياء من العذراء في خدرها.
٩ - ومن حديث موسى عليه السلام أخذ بعضهم أن شريعة بني إسرائيل كانت تجيز رؤية العورة، وإلا لما أقرهم موسى على ذلك، وإنما اغتسل موسى وحده استحياء، وأخذا بالأفضل، وأغرب ابن بطال فقال: هذا يدل على أنهم كانوا عصاة لموسى. اهـ وتبعه القرطبي على قوله، وأطال في ذلك.