نفائس كتبنا، جعلها اللَّه تعالى كفارة وتمحيصًا، ولما جبر اللَّه عليّ بعضها بعد دخولنا لمراكش أصبت منها ذلك التعليق فأعطيته للفقيه إبراهيم الشاوي، وكان من أكبر فقهائها حينئذ وأكثرهم خدمة للفقه فأعجب به وصار يعتمد عليه وينقل منه في درسه ويثني عليه في مجلسه بين أصحابه، يسّر اللَّه في إكماله آمين. وكتبت أيضًا تحريرات ونكتًا على كثير من مشكلاته.
وأما وفاة الشيخ خليل فذكر الشيخ زروق أنه توفي سنة تسع وستين، وقال ابن مرزوق: حدثني الشيخ الفقيه القاضي ناصر الدين الإسحاقي، وكان من أصحابه ومن حفاظ مختصره أنه توفي ثالث عشر ربيع الأول سنة ست وسبعين وسبعمائة، وأن مختصره إنما لخّص منه في حياته إلى النكاح وباقيه وجد في تركته في أوراق مسودة فجمعه أصحابه وضموه لما لخص فكمل الكتاب -اهـ- ونحوه لابن غازي وغيره.
وذكر ابن حجر أن وفاته في ربيع الأول سنة سبع وستين وسبعمائة، وقال الإمام العلامة محمد بن محمد الحطاب شيخ شيوخنا: الصواب ما ذكره ابن حجر- اهـ.
قلت: بل الأشبه ما ذكره ابن مرزوق وابن غازي لإسناده إلى بعض تلاميذ خليل وهو أعلم به من غيره لكونه ممن حضره وصاحبه في حياته، وأيضًا فقد ذكر أن الشرف الرهوني وقع بينه وبين خليل منازعة في مسألة فدعا عليه خليل فتوفي الرهوني بعد أيام، ووفاة الرهوني، على ما ذكره ابن فرحون وغيره، سنة خمس وسبعين أو ثلاث وسبعين، على ما ذكره ابن حجر، فخليل في ذلك الوقت حيّ على مقتضى هذه الحكاية. وقد سمعت شيخنا العلامة محمد بن محمود بغيع يذكر عن بعضهم أي بعض شيوخ مصر أن خليلًا بقي في تصنيف مختصره خمسًا وعشرين سنة، وقد ذكر خليل في ترجمة شيخه المتوفى أن وفاته سنة تسع وأربعين وأنه حينئذ لا يعرف الرسالة يعني المعرفة التامة ولا يمكن بقاؤه في تصنيفه المدة المذكورة إن صح إلا أن يكون اشتغل به بعد الخمسين، وتكون وفاته عام ستة وسبعين فتأمله واللَّه أعلم.