المقالة، ومنهم من قال: لم يثبت عنه واللَّه أعلم، قال المقري: وكانا يذهبان إلى الاجتهاد وترك التقليد وحسبك ما صار لهما من الصيت بالمشرق، ولما حللت ببيت المقدس وعرف مكاني من الطلب وتناظرت مع بعضهم أتى إليّ بعض المغاربة فقال لي: إن مكانك في النفوس مكين وقدرك عندهم رفيع وأنا أعلم أخذك عن ابني الإمام، فإن سئلت فانتسب إليهما وقل سمعت منهما وأخذت عنهما ولا تعدل عنهما فتضع من قدرك فما أنت عند هؤلاء الناس إلا خليفتهما، وأن الأمر فوقهما، قال المقري: وكان أبو زيد -رحمه اللَّه- من العلماء الذين يخشون اللَّه. حدثني أمير المؤمنين المتوكل على اللَّه أبو عنان أن والده أمير المؤمنين أبا الحسن ندب الناس إلى الإعانة بأموالهم على الجهاد فقال له أبو زيد: لا يصلح لك هذا حتى تكنس بيت المال وتصلي فيه ركعتين كما فعل علي بن أبي طالب قال: وكان أبو زيد يقول فيما جاء من الأحاديث من معنى قول الرسالة وإذا سلم الإمام فلا يثبت ولينصرف أنه بقدر ما يسلم من خلفه لئلا يمر بين يديه أحد، وقد ارتفع حكمه فيكون كالداخل مع المسبوق جمعًا بين الأدلة، قال المقري: وهذا من مليح الفقه.
قال ابن خلدون في التاريخ الكبير: ابنا الإمام كانا أخوين من أهل برشك من عمالة تلمسان، أكبرهما أبو زيد وأبوهما إمام برشك قتله المنقلب يومئذ على البلد زيوم بن حماد لاتهامه بوديعة من مال بعض أعدائه طالبه بها فامتنع وارتحل ولداه إلى تونس آخر المائة السابعة فقرأ العلم بها على تلاميذ ابن زيتون وتفقها على أصحاب أبي عبد اللَّه بن شعيب الدكالي، وانتقلا للمغرب بحظ وافر من العلم فأقاما بالجزائر يبثان العلم بها لامتناع برشك عليهما من أجل متغلبها زيوم والسلطان أبو يعقوب صاحب المغرب الأقصى محاصر يومئذ لتلمسان حصاره الطويل قد غلب على نواحيها فارتحلا إلى مليانة فقربهما منديل الكناني واتخذهما لتعليم ولده ثم هلك يوسف بن يعقوب صاحب المغرب سنة خمس وسبعمائة فملك حفيده واصطلح مع صاحب تلمسان فعاد للمغرب مع الكناني وهذان الاخوان فأوصلهما إلى أبي حمو وأثنى عليهما فاغتبط بهما أبو حمو واختط لهما المدرسة بتلمسان فأقاما عنده على هدى أهل العلم